بينما تستعر الحرب الدائرة في قطاع غزة، ثمَّة تحركات جديدة خارج حدوده، بدأت تتبلور.. تحركات تهدف إلى رسم ملامح المرحلة المقبلة. في مصر، حيث تُعقد الاجتماعات وتُفتح الأكاديميات العسكرية، يجري تدريب مئات الفلسطينيين ضمن قوة أمنية يُخطَّط لأن تتولى مسؤولية حفظ الأمن في غزة بعد انتهاء العمليات العسكرية.
هذه القوة، التي يُنتظر أن تضم ما يصل إلى 10 آلاف عنصر، تأتي في سياق مبادرة عربية أوسع، تسعى إلى إعادة دور السلطة الفلسطينية في القطاع، وإبعاد الفصائل المسلحة عن المشهد الأمني. معظم العناصر المنتقاة للتدريب هم من منتسبي أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية، مع إمكانية انضمام عناصر من قطاع غزة ذاته.
الخطوة، رغم ما تحمله من آمال لإعادة الاستقرار، لا تخلو من التحديات: رفض إسرائيلي واضح، وتحفظات فلسطينية داخلية. ومع غياب توافق وطني شامل، تبقى الأسئلة مفتوحة حول قدرة هذه القوة على العمل في بيئة معقدة، تعاني من آثار حربٍ مدمّرة وانقسامٍ دام سنوات.
في الوقت ذاته، يرفض قادة "حماس" أي ترتيبات تُقصي الحركة سياسيًّا أو أمنيًّا، بينما تطالب إسرائيل بإبعادها بالكامل عن الحكم. أما السلطة الفلسطينية، فعليها أن تواجه تحديات تتعلق بضعف الثقة الشعبية، واتهامات بالفساد، وتآكل الحضور السياسي في غزة.
رغم كل ذلك، تستمر مصر والدول العربية المعنية في العمل على بلورة رؤية لِما يُعرف بـ"اليوم التالي" في غزة. فهل يكون هذا المشروع الأمني نواة لاستقرار طويل الأمد؟ أو أنه خطوة مبكرة قد تصطدم بواقع ميداني لا يزال يتغيّر كل يوم؟