logo
اقتصاد

هل تستعد الصين لـ"حرب اقتصادية" طويلة الأمد مع الولايات المتحدة؟

علم أمريكا والصينالمصدر: رويترز

حملت الإجراءات القوية التي اتخذتها الصين ردًا على قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التجارية رسالة واضحة مفادها أن بكين مستعدة لتحمّل كلفة اقتصادية كبيرة من أجل ممارسة ضغط حقيقي على الولايات المتحدة، في تصعيد يعكس تحولًا استراتيجيًا في نهجها تجاه واشنطن، بحسب وكالة الأنباء "الألمانية".

فمنذ تصاعد التوترات التجارية، لجأت الصين إلى خطوات مؤثرة، أبرزها فرض قيود على تصدير معادن أرضية نادرة تُعد حيوية للصناعات العسكرية والتكنولوجية الأمريكية، إضافة إلى وقف استيراد فول الصويا الأمريكي، أكبر سلعة تصديرية للولايات المتحدة إلى الصين من حيث القيمة، كما وسّعت بكين لاحقًا قائمة المعادن الخاضعة لقيود التصدير ردًا على تشديد واشنطن ضوابطها التجارية.

أخبار ذات علاقة

تدريبات عسكرية للجيش الصيني

الصين تهدد بـ "إجراءات قوية" رداً على الدعم الأمريكي لتايوان

ووفق تحليل نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، ترى الباحثة تسونغ يوان تسو ليو، الزميلة في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، أن رد الصين كان جريئًا، لكنه محسوب، إذ حرصت بكين على إبقاء قنوات التفاوض مفتوحة، من دون التخلي عن أدوات الضغط، غير أن هذه المرونة، بحسب التحليل، لا تعكس ضعفًا، بل تعكس استعداد الصين لتسخير هيمنتها على سلاسل التوريد كسلاح في صراعها مع الولايات المتحدة.

ويعزز هذا النهج اعتبارات سياسية داخلية، إذ يسعى القادة الصينيون إلى تجنب تكرار الغضب الشعبي الذي أعقب اتفاقية "المرحلة الأولى" التجارية عام 2020، والتي اعتُبرت مجحفة بحق الصين.

وبالنسبة للرئيس شي جين بينغ، باتت مواجهة واشنطن جزءًا من مشروعه السياسي الرامي إلى ترسيخ مكانته كقائد يقود "نهضة وطنية" ويضع حدًا لما تسميه بكين "قرن الإذلال".

ولا ترى بكين الحرب التجارية مجرد رد فعل على قرارات أمريكية آنية، بل جزء من صراع طويل الأمد. فعلى المدى القريب، تسعى الصين إلى تخفيف القيود المفروضة على حصولها على التكنولوجيا المتقدمة، لا سيما في مجال أشباه الموصلات.

أخبار ذات علاقة

آلة طباعة حجرية بالأشعة فوق البنفسجية الفائقة (EUV).

"مانهاتن الصيني".. كيف تواجه بكين تحديات تصنيع الرقائق المتقدمة؟

أما على المدى المتوسط، فتركّز على تعزيز قدراتها التكنولوجية وتنويع أسواق التصدير وتقليص النفوذ الأمريكي في سلاسل التوريد العالمية، وعلى المدى البعيد، تطمح إلى بناء بنية تجارية ومالية دولية تقلّص هيمنة الدولار الأمريكي.

ويشير التحليل إلى أن الصين تمتلك مقومات كبيرة لتحقيق هذه الأهداف، من موارد مالية ضخمة، وهيمنة على سلاسل إمداد الطاقة النظيفة، وتقدم ملحوظ في مجالات البحث العلمي والذكاء الاصطناعي. واقتربت من الولايات المتحدة في حجم الإنفاق على البحث والتطوير، وتتفوق عليها في عدد براءات الاختراع والمنشورات العلمية.

ومع ذلك، تحذر الباحثة من الاستهانة بالتحديات التي تواجهها بكين، إذ أدت قوتها الصناعية الهائلة إلى اختلالات اقتصادية واعتماد متزايد على الأسواق الخارجية، ما فاقم التوتر مع الدول الغربية ودفع بعضها إلى تقليص اعتمادها على سلاسل التوريد الصينية، الأمر الذي بدأ يحدّ من نفوذ الصين نفسه.

ويخلص التحليل إلى أن الولايات المتحدة تواجه للمرة الأولى منذ الحرب الباردة منافسًا ندًا قادرًا على الرد بالمثل، ليس فقط عبر الرسوم الجمركية، بل من خلال أدوات اقتصادية واستراتيجية أوسع.

وفي ظل هذا الواقع، يصبح فهم أهداف الصين ونقاط قوتها وضعفها شرطًا أساسيًا لأي مقاربة أمريكية فعالة في المرحلة المقبلة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC