شهدت أسواق السلع الأساسية تقلبات حادة خلال عام 2025 نتيجة التعريفات الجمركية والتهديدات التجارية والمناورات الجيوسياسية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقد دفعت هذه الإجراءات الأسعار للتأثر بعناوين الأخبار أكثر من العوامل الاقتصادية الأساسية، ولا سيما في قطاعات الطاقة والمعادن والأصول الثمينة؛ ما أدى إلى ظهور رابحين وخاسرين بشكل واضح، وفق مجلة "Modern Diplomacy".
ومع دخول عام 2026، يتطلع المستثمرون إلى استقرار نسبي، رغم استمرار تأثير التحولات السياسية في تشكيل ديناميكيات السوق على المدى الطويل.
كان الذهب من أبرز الرابحين في 2025، إذ ارتفعت أسعاره بنحو 60% مع سعي المستثمرين للتحوط من المخاطر الجيوسياسية وتراجع الثقة في سندات الخزانة الأمريكية.
ومع استقرار السياسة النقدية الأمريكية في 2026، من المتوقع أن تشهد الأسعار مرحلة استقرار نسبي، مدعومة بالشراء المستمر والتنويع الذي تقوم به البنوك المركزية.
ومع ذلك، تبقى المخاطر السياسية محتملة، ولا سيما إذا اعتُبرت السياسة النقدية أمريكيًّا مدفوعةً بمصالح سياسية أو إذا استمر ارتفاع الدين العام والعجز في الاقتصادات المتقدمة.
على صعيد الطاقة، تواجه أسواق النفط والغاز تحديات كبيرة. زيادة المعروض العالمي، واحتمال استئناف الصادرات الروسية في حال التوصل إلى اتفاق سلام حول أوكرانيا، قد تضغط على الأسعار.
كما من المتوقع أن يؤدي دخول طاقة تصدير أمريكية جديدة إلى السوق إلى انخفاض أسعار الغاز الطبيعي المسال.
ويزيد الغموض بشأن التزامات واشنطن التجارية للطاقة، مثل وعود أوروبا بشراء كميات كبيرة من الطاقة الأمريكية، من احتمالية تجدد النزاعات التجارية إذا لم تتحقق هذه الوعود.
شهد النحاس ارتفاعًا ملحوظًا أواخر 2025 نتيجة التخزين تحسباً للرسوم الجمركية؛ ما أدى إلى استنزاف المخزونات وارتفاع الأسعار عالميًّا.
وفي 2026، من المتوقع أن يقل الضغط على العرض مع انخفاض المخزونات؛ ما يسمح للمشترين الرئيسيين، مثل: الصين بالعودة إلى السوق.
في المقابل، قد تستفيد المعادن الأرضية النادرة والمواد الإستراتيجية، مثل: الليثيوم والكوبالت من جهود الولايات المتحدة لتأمين سلاسل إمداد بديلة عن الصين؛ ما يعزز الأسعار والاستثمار في هذه المواد الحيوية.
كما تظل السلع المرتبطة بالصين، مثل: خام الحديد والفحم، عرضة لتقلبات السوق. فقد استقر سعر خام الحديد في 2025، لكن الإمدادات الجديدة من منجم سيماندو في غينيا قد تضغط على الأسعار.
أما الفحم الحراري، فيتأثر بالسياسات المتجددة في الصين والهند، وقد يشهد انخفاضًا إذا استمر توسع الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الواردات.
رغم أن الرسوم الجمركية والنزاعات التجارية ستستمر في زعزعة السوق، يبدو أن الخطر الأكبر لعام 2026 يكمن في فائض العرض المتراكم.
فمع دخول براميل نفطية جديدة ومحطات غاز طبيعي مسال ومشاريع تعدين حيز التشغيل، وفي ظل تباطؤ محتمل للنمو العالمي، قد تكون إدارة فائض المعروض المادي أكبر تحدٍّ يواجه المستثمرين وصناع السياسات.
ويشير التحليل إلى أن سياسات ترامب حول السلع الأساسية حولتها إلى فئة أصول تتأثر بالسياسة أكثر من العرض والطلب.
في حين يظل الذهب الملاذ الأكثر مرونة ضد أخطاء السياسات، تبقى الطاقة والمعادن الصناعية الأكثر عرضة للمخاطر في حال تعثر النمو العالمي.
وعليه، فإن التحدي الرئيسي في 2026 لن يكون في الاستجابة لتحركات ترامب المستقبلية، بل في إدارة آثار فائض العرض الذي أسهمت سياساته في تراكمه.