وزير الخارجية المصري يحذر من خطورة توسع العمليات العسكرية في غزة واستمرار استخدام التجويع كسلاح
من قلب أزقة بيونس آيرس الفقيرة إلى عرش البابوية في الفاتيكان، شق خورخي ماريو برغوليو طريقه بهدوء حتى وصل إلى الفاتيكان في عام 2013 .. البابا فرنسيس أول بابا من أمريكا اللاتينية وأول يسوعي يقود الكنيسة الكاثوليكية ..
وُلد فرنسيس عام 1936 لأب إيطالي مهاجر، وعاش طفولته في حي شعبي من العاصمة الأرجنتينية. اختار طريق الرهبنة اليسوعية، وهي من أكثر التيارات انخراطا في القضايا الاجتماعية، وكان يميل إلى العيش البسيط.
بعد تخرجه من الثانوية دخل الإكليريكية الأبرشية، وهي مرحلة تدريب ديني، ثم التحق برهبنة اليسوعيين عام 1958، ليصبح كاهنا رسميا عام 1969، وأدى نذوره النهائية في الرهبانية اليسوعية عام 1973..
في تلك السنة، لم يكتفِ برتبة كاهن، بل تولى قيادة اليسوعيين في الأرجنتين، ووسط سنوات سياسية مضطربة حاول الحفاظ على تماسك الرهبنة، ودرس اللاهوت، وأدار مدارس دينية، بينما واصل دراسته في ألمانيا.
وفي عام 1992 عينه البابا يوحنا بولس الثاني أسقفا على مدينة أوكا وأسقفا مساعدا في بوينس آيرس، قبل أن يصبح رئيس أساقفة بوينس آيرس عام 1998، وفي الأزمة الاقتصادية في الأرجنتين ازداد قربه من الناس ودافع بقوة عن الفقراء والمهمشين.
جاءت الخطوة الأكبر في 2013، حين أصبح أول بابا من أمريكا اللاتينية، وأول يسوعي يجلس على كرسي الفاتيكان باسم: فرنسيس الذي اختاره تيمنا بالقديس فرنسيس الأسيزي رمز الفقر والتواضع، ليكون عنوانًا لعهده..
منذ توليه المنصب أطلق فرنسيس حزمة من الإصلاحات في هيكلية الفاتيكان المالية والإدارية، وسعى إلى الشفافية ومحاسبة المتورطين في قضايا الاعتداء الجنسي، في تحدٍّ للمؤسسة من الداخل، لكن مقاومة "الكرادلة المحافظين" لنهجه ظلت قائمة، معتبرين أن مواقفه غير منسجمة مع "عقيدة الكنيسة".
خرج فرنسيس عن التيار التقليدي بمواقفه الجريئة تجاه قضايا حقوق المهاجرين، والبيئة، والتغير المناخي، وفي زمن النزاعات الكبرى تبنّى سياسة الحياد النشط، ودعا مرارًا إلى السلام والتفاوض بين روسيا وأوكرانيا، كما كان صوتًا قويًّا في أزمة اللاجئين، منتقدًا السياسات الأوروبية القائمة على الإغلاق والترحيل.
لم تخفِ السنوات الأخيرة آثار التعب على البابا فرنسيس، الذي بلغ عامه الثامن والثمانين وسط تحديات صحية متزايدة خضع خلالها لعدة عمليات جراحية، أبرزها جراحة القولون في 2021، وفي عام 2025 واجه أزمة صحية أدت إلى دخوله المستشفى بسبب التهاب في الشعب الهوائية، تطور لاحقا إلى التهاب رئوي في كلا الرئتين ..
الظهور الأخير للبابا فرنسيس قبل إعلان وفاته كان من شرفة كاتدرائية القديس بطرس، حين ألقى خطابا بمناسبة عيد الفصح ندد فيه بالوضع الإنساني المأساوي في غزة، ودعا لوقف إطلاق النار، محذراً في الوقت ذاته من تنامي جوّ معاداة السامية الذي ينتشر في جميع أنحاء العالم، حيث أعلن الفاتيكان وفاته عن عمر ناهز 88 عاما بعد صراع طويل مع أمراض تنفسية مزمنة، لتنتهي بذلك رحلة 12 عاما في قيادة الفاتيكان من قِبل أول بابا غير أوروبي في العصر الحديث.
سعى البابا بتواضعه لكسر المألوف ودعم الفقراء والدعوة للسلام ونبذ الحروب؛ فكان صوت الجنوب في قمة الفاتيكان..
