لم تعد المخاوف الغربية من تشكيل محور ثلاثي يجمع الصين وروسيا وكوريا الشمالية مجرد هواجس، فالعرض العسكري الأخير في بكين، الذي جمع الرئيس الصيني مع نظيره الروسي بوتين والزعيم الكوري كيم، قدم صورة صارخة عن محور ثلاثي يتبلور بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية، في مشهد عزز قناعة العواصم الأوروبية بأن هناك كتلة عسكرية–صناعية جديدة يمكن أن تغير قواعد اللعبة.
على مدار العامين الماضيين، أكدت تقارير استخباراتية غربية أن كوريا الشمالية سلمت موسكو أكثر من مليون قذيفة مدفعية منذ 2023، إلى جانب ما يزيد على 100 صاروخ باليستي، هذه الكميات ساعدت الجيش الروسي على تعويض نقص الذخائر في أوكرانيا رغم العقوبات، في المقابل، يُخشى أن تحصل بيونغ يانغ على دعم تقني روسي في مجالات حساسة مثل الصواريخ البعيدة المدى أو الغواصات النووية، ما يرفع مستوى التهديد في شرق آسيا.
أما الصين التي تلعب الدور الأكثر تعقيدًا، فهي لا ترسل أسلحة مباشرة إلى روسيا، لكنها، بحسب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وفرت مكونات ومعدات مزدوجة الاستخدام دعمت الصناعات العسكرية الروسية، فيما هو أشبه بالتحايل الذي سمح لموسكو بالحفاظ على وتيرة إنتاج الأسلحة الثقيلة، فما الذي يعنيه هذا التقارب لو حدث؟
إذا اكتمل التحالف بين روسيا والصين وكوريا الشمالية، سيمثل ذلك أمام أوروبا وحلف الناتو تحديًا استراتيجيًا غير مسبوق، وستتمكن موسكو من تعويض نقص الذخائر عبر ملايين القذائف الكورية ودعم تقني صيني، ما يطيل أمد الحرب في أوكرانيا، ويستنزف القدرات الدفاعية الأوروبية، بينما سيحصل الكوريون على خبرات روسية في مجالات الصواريخ البعيدة المدى والغواصات النووية، ما يخلق تهديدًا مباشرًا لممرات التجارة العالمية وحلفاء واشنطن في آسيا، أيضًا، فإن دخول الصين كمزود للمكونات الصناعية سيجعل من هذه الكتلة قاعدة إنتاج عسكرية عملاقة، قادرة على تحدي الغرب في أكثر من جبهة.
وببساطة، فإن نجاح هذا المحور سيعني أن الناتو مضطر إلى خوض سباق تسلح جديد ومكلف لحماية حدوده، وأمنه الاستراتيجي.