مالي تتحول إلى ساحة صراع حقيقية، حيث تصاعدت خلال الفترة الأخيرة موجة اختطافات غير مسبوقة تستهدف الأجانب، كجزء من استراتيجية جماعات مسلحة مرتبطة بالقاعدة لفرض النفوذ والتمويل.
آخر الحوادث اختطاف ثلاثة مصريين على يد جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، يطالبون بفدية خمسة ملايين دولار، في حين تم اختطاف خمسة موظفين هنود في مشروع كهرباء قرب مدينة كوبري غربي البلاد، ما يؤكد اتساع نطاق هذا التصعيد.
عمليات الاختطاف لم تعد مجرد حوادث معزولة، بل أصبحت أداة استراتيجية للجماعات المسلحة. الجماعة الإرهابية تستخدمها لضرب الاقتصاد المحلي، وفرض حصار على العاصمة باماكو، وقطع طرق الوقود الأساسية، ورفع أسعار السلع بشكل كبير. اختطاف الأجانب، خصوصا العاملين في مشاريع حيوية، يشكل تهديدا مباشرا لاستقرار البلاد ويجعل من كل طريق رئيسي محطة محتملة للكمائن.
مالـي اليوم تواجه انهيارا شبه كامل للأمن. المجلس العسكري عاجز عن حماية المدنيين، والشركات الدولية توقف نشاطها، والسفارات تحذر رعاياها من البقاء في البلاد. السيطرة على الذهب في شمال وغرب البلاد، وحوادث اختطاف السائقين والعمال الأجانب، تزيد الأزمة تعقيدا وتضع العاصمة على حافة الانهيار.
التصعيد في الاختطافات يفاقم أزمة إنسانية حادة، مع أكثر من 440 ألف نازح داخلي، ونقص حاد في الوقود، وتعطيل الزراعة والمدارس، وارتفاع حاد في أسعار السلع. البلد على أبواب كارثة اقتصادية واجتماعية، بينما الجماعات المسلحة تفرض إرادتها على المناطق الشمالية والغربية، وتحوّل العاصمة إلى ساحة صراع يومية.
تصاعد موجة الاختطاف في مالي ليس تحذيرا محليا فقط؛ إنه إنذار عالمي.. استمرار هذه العمليات يهدد انهيار مؤسسات الدولة، ويزيد احتمالات سقوط باماكو في أيدي الجماعات المسلحة.
