بين أمواجٍ تضطرب على وقع الأساطيل الأمريكية، تصطدم فنزويلا بواقع مر، فتجد نفسها كجزيرةٍ محاصَرة برياح السياسة الدولية.
السؤال الذي لا يكف عن العودة، كظلّ يلاحق مادورو أينما اتجه: هل ما زال حلفاؤه يقفون خلفه، أم أن الرجل يواجه العاصفة دون الأيدي التي طالما أسندته؟
لسنوات، كان الرجل يتكئ على تحالف ثقيل: روسيا، الصين، وحتى إيران. ثلاث قوى شكّلت مظلة الحماية السياسية والاقتصادية التي مكّنته من تحدّي العقوبات، بل وتثبيت حكمه رغم كل العواصف. لكن اليوم، وبينما ترتفع حرارة المواجهة مع واشنطن إلى مستويات غير مسبوقة، يبدو أن تلك المظلة بدأت تتآكل.
ففي اللحظة التي أعلنت فيها الولايات المتحدة عن سلسلة ضربات استهدفت ما تقول إنه نشاط إجرامي عابر للحدود، توقّع كثيرون أن ترتفع أصوات الحلفاء للدفاع عن كاراكاس بقوة. لكن ما حدث كان العكس تمامًا: مواقف فاترة وتصريحات خجولة ودعم لا يتجاوز حدود الكلام.
روسيا، الغارقة في صراعها الممتد مع الناتو، اكتفت بإدانة شكلية. لا وعود ولا إرسال قوات ولا خطوات رمزية حتى. بدا الأمر وكأن موسكو تقول لمادورو: "سنقف معك ولكن من بعيد".
الصين كانت أكثر برودًا. رغم تجارتها الضخمة مع فنزويلا، بدت غير مستعدة للدخول في مواجهة جديدة مع واشنطن. اكتفت بشعارات "احترام السيادة"، لكنها حرصت على ألا تضع نفسها في مواجهة مباشرة قد تربك حساباتها في بحر الصين وتايوان.
أما إيران، الحليف الأيديولوجي الأبرز، فظهرت عاجزة عن تقديم أكثر من بيانات تنديد. تكاليف المواجهات الأخيرة في الشرق الأوسط جعلت أي تدخل خارج حدودها مغامرة غير واقعية.
وفي هذا الفراغ، تتكوّن الصورة الجديدة: مادورو وسط أزمة متصاعدة، بحلفاء منهكين، منشغلين، أو غير راغبين بالمخاطرة.