في زمن الحروب، لا تظل الشرعية مسألة قانونية فقط، بل تصبح سلاحًا سياسيًا يُستخدم لتحديد من يحق له الجلوس على طاولة المفاوضات، ومن يُقصى منها.
هذا ما يبرز اليوم في الملف الأوكراني، فقد باتت شرعية الرئيس فولوديمير زيلينسكي نقطة خلاف مركزية بين موسكو وكييف، ما ألقى بظلاله على جهود السلام الدولية.
وبينما تؤكد أوكرانيا أن زيلينسكي لا يزال الرئيس الشرعي للبلاد رغم انتهاء ولايته الدستورية في مايو 2024، ترى روسيا أن غياب الانتخابات تحت ذريعة الحرب يفرغ موقعه من الشرعية القانونية، ويجعل أي اتفاق يُوقع باسمه عرضة للطعن مستقبلاً.
هذا الخلاف تصدّر التصريحات الروسية أخيرًا، فقد شدد وزير الخارجية سيرغي لافروف على أن موسكو لن تبرم أي اتفاق مع كييف قبل حسم ملف الشرعية، معتبرًا أن سلطة زيلينسكي أصبحت محل شكّ.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدوره كرر الموقف ذاته، مشيرًا إلى أن القيادة الأوكرانية الحالية لا تملك تفويضًا قانونيًا لإبرام معاهدات ملزمة، وأن أي وثيقة تُوقع في ظل هذا الوضع ستكون بلا قيمة قانونية أو سياسية.
في المقابل، عبّر زيلينسكي عن استعداده لإجراء الانتخابات، لكنه ربط الأمر بتحقيق وقف لإطلاق النار أولًا، معتبرًا أن الأولوية اليوم هي إنهاء الحرب، وليس الدخول في صراعات داخلية حول الشرعية.
وأبدى انفتاحه على لقاء نظيره الروسي في حال تم التوصل إلى تفاهمات أمنية واضحة، مشيرًا إلى مواقع محتملة لعقد قمة تفاوضية برعاية دولية، قد تشمل الولايات المتحدة.
وبينما تزداد الضغوط لعقد مفاوضات مباشرة، تبقى مسألة شرعية زيلينسكي عقبة قانونية وسياسية أمام أي مسار سلام.
فطالما لم تُحسم هذه النقطة الشائكة، سيظل الطرفان يدوران في حلقة مفرغة من الشروط المسبقة، فيما يستمر نزيف الحرب بلا نهاية واضحة في الأفق.