قتلى وجرحى وحالة فوضى مجهولة المصير؛ هكذا تعيش محافظة السويداء السورية على وقع تصعيد خطير، بعد اشتباكات دموية اندلعت بين مجموعات مسلّحة من أبناء الطائفة الدرزية وعشائر بدوية في محيط المدينة وريفها الشرقي؛ ما أسفر عن مقتل العشرات، بينهم مدنيون وأطفال، وإصابة أضعافهم، في حصيلة تتغير على مدار الساعة.
بدأت الاشتباكات على خلفية حادثة خطف وسلب طالت سائقًا من الطائفة الدرزية على طريق دمشق/السويداء، لكنها سرعان ما تطورت إلى مواجهات عنيفة استُخدمت فيها الأسلحة الرشاشة وقذائف الهاون، وتركّزت في أحياء مثل حي المقوس، لتمتد إلى قرية الصورة الكبيرة عند مدخل المحافظة الشمالي، الذي يربطها بالعاصمة. وقد تسببت المواجهات بحالة من الذعر، ونزوح جزئي للسكان، وانقطاع للطرق الحيوية.
يأتي هذا التصعيد في ظل انعزال السويداء شبه الكامل عن دمشق منذ سقوط النظام، بعد احتجاجات شعبية قادتها مجموعات محلية رفضًا للواقع المعيشي والانفلات الأمني. وفي هذا السياق، طالب شيخ عقل الدروز حمود الحناوي بتدخل الرئيس السوري والعقلاء من الطرفين المتنازعين لوأد الفتنة وتهدئة الوضع، كما دعا محافظ السويداء مصطفى البكور، في بيان له، إلى ضبط النفس من قِبل جميع الأطراف.
وفي محاولة لاحتواء الموقف، تدخلت وزارة الداخلية السورية، وأرسلت تعزيزات أمنية إلى حدود المحافظة، وبدأت بتدخلات جذرية لفض النزاعات وضبط الأمن بكل الوسائل الممكنة، قُتل على إثرها - في حصيلة غير نهائية - ستة عناصر من الجيش السوري.
انفجار أمني يضع السويداء على مفترق طرق؛ فإمّا أن تُشكّل هذه الأحداث بوابة لعودة تدريجية تسد الفجوة بين السويداء ودمشق، بشكل تتوافق فيه الأطراف ويُوضع فيه السلاح بالكامل بيد الدولة، أو تتحول إلى شرارة لفوضى أوسع تُهدد وحدة الجنوب واستقراره، وتُنذر بـ حمّام دماء قريب.