"بوليتيكو" عن مسؤولين دفاعيين: مسؤولو البنتاغون غاضبون من تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب
قالت مصادر ميدانية وأهلية في السويداء، جنوبي سوريا، إن المجموعات المهاجمة تستخدم الطائرات المسيرة والأسلحة الثقيلة في الاشتباكات الدامية التي تجددت صباح اليوم.
وأضافت المصادر في تصريحات أدلت بها لـ"إرم نيو" إن الاشتباكات بين مسلحي العشائر والفصائل المحلية الدرزية، تجددت صباح اليوم في ريف السودياء الغربي، مشيرة إلى عودة أجواء التوتر وسط استمرار وصول أرتال لمقاتلين من درعا وريف دمشق، وتوجه أرتال أخرى من دير الزور، للانضمام إلى مقاتلي العشائر.
ورغم الأجواء الإيجابية التي أعقبت إطلاق سراح المخطوفين من أبناء العشائر، ثم إطلاق سراح المختطفين من أبناء السويداء من حي المقوس، إلا أن التطورات الأخيرة تنذر بتفجر الأوضاع.
ويأتي ذلك بعد وقت قصير من إعلان وزارة الداخلية السورية، صباح الاثنين، عن بدء تدخل وحدات من قواتها، بالتنسيق مع وزارة الدفاع، لفض النزاع المسلح الدائر في محافظة السويداء منذ يوم أمس، وفرض الأمن والاستقرار، وذلك عقب الاشتباكات العنيفة التي شهدها حي المقوّس وأدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى.
وحتى لحظة كتابة هذا التقرير، قُتل 40 شخصاً وأصيب العشرات في حصيلة غير نهائية، نتيجة اشتباكات عنيفة اندلعت بين مسلحين دروز وآخرين من عشائر البدو في حي المقوس شرق مدينة السويداء وفي ريفها.
فتيل الانفجار
جاءت حادثة اختطاف الشاب "فضل الله دوارة" ليلة أول أمس، لتشعل فتيل النزاع في محافظة السويداء بين أبنائها وبعض أبناء عشائر البدو، وسط تصاعد تدريجي في الأحداث الأمنية من خطف وخطف مضاد وصولاً لاستخدام الأسلحة المتوسطة والثقيلة وسقوط قتلى وجرحى بين الطرفين، بما في ذلك من المدنيين.
وشكّل الاعتداء على "دوارة" الذي يعمل في توزيع الخضار والفواكه، بالضرب وسرقة ممتلكاته، على طريق دمشق-السويداء، شرارة الأحداث التي تدحرجت وخرجت عن السيطرة خلال ساعات.
وقال "دوارة" إنه تعرض لاعتداء مسلح أثناء قدومه ليلاً من العاصمة دمشق باتجاه السويداء، بين منطقة خربة الشياب والفيلق الأول في ريف دمشق، بحسب مصادر محلية.
ونقلت المصادر لـ "إرم نيوز"، أن مسلحين من البدو، أقدموا على قطع طريق دمشق-السويداء بالحجارة في المنطقة المذكورة لإجباره على التوقف، ومن ثم اعتدوا عليه ضرباً وقاموا بسرقة مقتنياته من الجوالات، سيارة الشحن المحملة بالخضروات والفواكه، ومبلغ مادي بقيمة 7 ملايين ليرة سورية.
وأضافت المصادر، أن المسلحين وضعوا السلاح على رأسه مباشرة، وسط تهديدات وشتم بعبارات طائفية، قبل أن يُطلق سراحه فجراً وهو معصوب العينين في منطقة وعرة تبعد نحو 5 كيلومترات عن الطريق الرئيس.
وعلى إثر الحادثة، قام مقربون من "دوارة" باحتجاز عدد من أبناء العشائر كوسيلة للضغط على خاطفيه، بهدف إرجاع ممتلكاته وسيارة الشحن، والبضاعة التي تُقدر بخمسة أطنان من الخضراوات والفواكه. فيما رد أبناء العشائر في محافظة السويداء، باختطاف مضاد لعدد من أبناء السويداء .
وفقا لمصادر "إرم نيوز"، عند ظهيرة أمس الأحد، بدأت المجموعات المسلحة التابعة للعشائر في حي المقوس، تطلق قذائف "الآر بي جي" في سماء المحافظة، لتندلع بعدها اشتباكات بينهم وبين عدد من الفصائل المسلحة بالمحافظة، وسط حملات من التحريض عبر صفحات التواصل الاجتماعي، ودعوات لـمؤازرة "الفزعات" للهجوم على محافظة السويداء من عدة محاور.
تدخل الوجهاء
كان شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في محافظة السويداء "حمود الحناوي" أول من خرج مطالبا جميع الأطراف بالتروي وضبط النفس، داعياً لعدم التصعيد وتحكيم العقل، طالباً من الوجهاء في المدينة بالتدخل وتطويق الخلاف قبل التصعيد.
وقال الحناوي في بيانه"نُؤكّد على وجوب الاحتكام إلى صوت العقل، وإعطاء كلّ مظلومٍ حقَّه بالطرق الشرعيّة، وعدم أخذ الناس بجريرة غيرهم، ونُذكّر بأنّ العدل أساس السلام، وأنّ الدماء المعصومة محرّمة على الجميع، ونتوجّه بنداء خاص إلى السيّد أحمد الشرع، رئيس الجمهورية، وإلى وجهاء العشائر الكريمة، وإلى كلّ صاحب ضمير حيّ: لتكن لكم اليد البيضاء في وأد الفتنة، وكفّ يد العبث، وحماية الكرامات، وصون حُرُمات الناس وممتلكاتهم".
وأضاف البيان.. "ليعلم الجميع أن الموحّدين الدروز لا يسعون إلا إلى الخير، ولا يرضون الظلم لأنفسهم ولا لغيرهم، وإنّ الكرامة لا تُصان بالسلاح بل بالعقل، ولا تُسترد بالخطف بل بالحكمة".
من جهته، نشر المكتب الإعلامي للمجلس العسكري في السويداء، المقرب من شيخ عقل الموحدين الدروز، حكمت الهجري، بياناً جاء فيه: "نتابع بقلق بالغ ما جرى من اعتداءات مؤسفة واستفزازات طائفية خطيرة من قبل مجموعات خارجة عن القانون تنتمي إلى بعض العشائر، على طريق دمشق - السويداء، ونؤكد بشكل قاطع أن هذه الأفعال لا تمثل أخلاق العشائر الكريمة في البادية، بل هي محاولات مكشوفة لجر المنطقة إلى فتنة مذهبية تخدم أجندات خارجية هدفها تمزيق النسيج الوطني السوري، وضرب السلم الأهلي بين مكونات المجتمع. نستنكر بشدة هذا التصعيد، ونطالب الجهات الرسمية بتحمل مسؤولياتها في محاسبة الفاعلين، ومنع تكرار مثل هذه الحوادث التي تهدد أمن واستقرار الجنوب السوري".
"فزعات" وأسلحة ثقيلة
في هذه الأثناء، توالى وصول "الفزعات" إلى محيط السويداء، حيث اشتبكت فصائل السويداء المتمركزة قرب بلدة الصورة الكبيرة في مدخل السويداء الشمالي، مع عدد من المسلحين القادمين عن طريق دمشق-السويداء، رغم انتشار الحواجز الأمنية التابعة لجهاز الأمن العام بدمشق، بحسب المصادر .
وأظهرت بعض التسجيلات المصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، استهداف الأبنية السكنية للمدنيين بأسلحة متنوعة، فيما أعلنت فصائل السويداء حظرا للتجوال في مختلف أرجاء المحافظة، داعين الأهالي الابتعاد عن الشرفات والالتزام بمنازلهم.
مساءً، زادت حدة الاشتباكات مع وصول دعم للمجموعات العشائرية من محافظة درعا المجاورة، حيث أقدمت تلك القوات على استهداف عدد من القرى المحيطة بمحافظة السويداء بالأسلحة المتوسطة والثقيلة، بعد استهداف حاجز للأمن الداخلي، في مدخل المحافظة الشمالي.
وبحسب مصادر محلية، تعرضت قرية الصورة الكبيرة في ريف المحافظة الشمالي، لقذائف هاون بالتزامن مع استهداف الحاجز بإطلاق النار المباشر، في محاولة للدخول إلى المحافظة. لكن المدافعين عن الحاجز أفشلوا الهجوم، فيما تعرضت قرية الطيرة في ريف محافظة السويداء الغربي، وقرية الجنينة في ريفها الشرقي، لاستهداف مباشر بقذائف الهاون دون تسجيل إصابات مباشرة.
واندلعت اشتباكات عنيفة في كل من قريتي لبّين، وجّرين في ريف المحافظة الغربي، وسط استهداف منازل المدنيين من الجهة الشرقية لمحافظة درعا، على الرغم من انتشار عناصر الأمن الداخلي لمحافظة درعا على الحدود المشتركة مع السويداء، بهدف منع امتداد التوتر .
محافظ السويداء يصدر بيانا
محافظ السويداء "مصطفى البكور"، أصدر بيانا نشره المكتب الصحفي للمحافظة، جاء فيه "في ظل الأحداث المؤسفة التي شهدتها محافظتنا، بدءاً من اعتداء طريق دمشق السويداء وما تبعه من أعمال خطف واشتباكات مسلحة، وسلب سيارات لعدد من المارة بغير حق، ندعو الجميع إلى ضبط النفس والاستجابة للنداءات الوطنية الداعية للإصلاح، ونؤكد على ضرورة ضبط النفس والاستجابة لتحكيم العقل والحوار؛ لأن ذلك هو ضمانتنا الأكيدة لعبور هذه المحنة، فيدنا ممدودة لكل من يسعى للإصلاح، وبناء الدولة، والتمهيد حياة أفضل لكل السوريين".
وأضاف البيان.. "نثمن الجهود المبذولة من الجهات المحلية والعشائرية لاحتواء التوتر، ونؤكد أن الدولة لن تتهاون في حماية المواطنين واستعادة الحقوق، كما نحذر من محاولات إيقاع الفتنة أو دفع الأمور نحو الطريق المسدود".
"رجال الكرامة": مسؤولية الدولة
من جهتها، أصدرت "حركة رجال الكرامة" وهي الفصيل الأكبر والأقوى في محافظة السويداء، بيانا، قالت فيه إن ما تشهده المحافظة من توتر خطير لا يخدم مصلحة أي طرف، بل يهدد السلم الأهلي ويمهد لحالة من الفوضى لا نرضاها لأهلنا ولا لوطننا.
واعتبرت الحركة أن "جذور هذا التصعيد واضحة ومتكررة، تبدأ من الغياب المقصود لدور الدولة في حماية الطريق الحيوي الواصل بين دمشق والسويداء، مروراً بتكرار الاعتداءات والانتهاكات التي تطال المدنيين على هذا الطريق – وخصوصاً عند حاجز المسمية – والتي تجاهلتها الحكومة على مدى أشهر، حتى باتت تهدد الأمن الاجتماعي في عمق الجبل.
ولفتت "رجال الكرامة" إلى أن هناك اتفاقا واضحا مع مشايخ ووجهاء السويداء منذ شهر أيار الماضي يقضي بتأمين هذا الطريق من قبل الجهات الحكومية، لكن ما حصل هو أن السلطة لم تقم بواجباتها، واكتفت بدور المتفرّج، بينما تفاقمت الاعتداءات وأخذت طابعاً طائفياً خطيراً؛ ما أوصلنا إلى هذا المشهد المؤلم من الاشتباكات التي اندلعت بين أبناء العشائر وأبناء الجبل في حي المقوس وامتدت إلى قرى الريف الغربي والشمالي.
وأضافت "منذ الساعات الأولى، بادرت حركة رجال الكرامة، بالتنسيق مع كافة وجهاء الجبل ومرجعياته، إلى بذل جهود حثيثة لوقف التصعيد وتطويق الاشتباك، انطلاقًا من إيماننا الراسخ بأن الدم السوري غالٍ، وأن لغة العقل يجب أن تكون هي السائدة. مع ذلك، فإننا نؤكد في الوقت ذاته أن مبدأ الدفاع عن النفس مبدأ لا حياد عنه، وهو حق مشروع تكفله كل القوانين السماوية والوضعية، لذلك دفعت الحركة بمقاتليها في مواقع التماس، وتُعلن النفير العام دفاعاً عن الأرض والعرض، دون أن يكون ذلك مدخلاً للانتقام أو الإقصاء، بل لحماية السلم الأهلي وردع من يستبيح أمن الناس."
وعبّرت الحركة عن إيمانها بأن التهدئة هي موقف قوة لا ضعف، داعية الجميع إلى العودة إلى صوت العقل، و"نُذكّر بأن كل قطرة دم تسيل اليوم هي خسارة لسوريا التي ننشدها، سوريا التي كنا نأمل أن تدخل مرحلة انتقالية تُدار بالحوار، لا بالسلاح، وبمؤسسات تمثل الشعب لا بممارسات تزرع الكراهية" وفقا للبيان.