الجولان يشتعل بانهياره.. إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انهيار اتفاق فض الاشتباك لعام 1974 مع سوريا قلب الطاولة على واحدة من أكثر مناطق الصراع حساسية في الشرق الأوسط.. لكن ما هو هذا الاتفاق، ولماذا كان انهياره لحظة فارقة؟
اتفاق فض الاشتباك وُقّع في 31 مايو 1974، بعد حرب تشرين، وكان يهدف إلى إنهاء الاشتباكات على الجبهة السورية.. بموجب الاتفاق، انسحبت إسرائيل من الجيب المحتل داخل سوريا ومن أجزاء من الجولان، مقابل إنشاء منطقة عازلة تديرها قوات الأمم المتحدة، المعروفة باسم قوة (يوندوف).
هذه المنطقة العازلة، التي تخضع لمراقبة صارمة، كانت تهدف إلى الحد من التوتر بين سوريا وإسرائيل ومنع أي وجود عسكري مباشر على خط المواجهة، كما نص الاتفاق على تخفيف التواجد العسكري في مناطق محددة على جانبي الحدود، مع السماح للسوريين المدنيين بالعودة إلى بعض المناطق المتضررة، بما فيها مدينة القنيطرة، ليتم بعد ذلك تبادل الأسرى وانسحاب إسرائيل من المناطق المحددة تدريجيا، واستكمل الانسحاب في 26 حزيران 1974.
لكن الإعلان الأخير من نتنياهو، الذي جاء خلال زيارة إلى منطقة قريبة من الحدود مع سوريا، لم يكن مجرد تصريح.. نتنياهو قال بوضوح: الاتفاق انتهى، والجنود السوريون تخلوا عن مواقعهم.. وأكد أن الجيش الإسرائيلي تلقى تعليمات بالسيطرة على المنطقة العازلة والمواقع القيادية المجاورة لها لحماية سكان الجولان.
إسرائيل، التي احتلت مرتفعات الجولان في حرب عام 1967 وضمّتها لاحقًا في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي، ترى في هذه المرتفعات موقعا استراتيجيا لا يمكن التفريط فيه، لكن هذا الإعلان يفتح الباب لتساؤلات كبرى.. ما مصير المنطقة العازلة التي كانت تحت إشراف الأمم المتحدة؟ وهل سيؤدي ذلك إلى تصعيد جديد في الجولان؟
قوة الأمم المتحدة "يوندوف"، التي حافظت على دورياتها في المنطقة العازلة لعقود، باتت الآن تواجه خطر تآكل دورها بالكامل، فانسحاب القوات السورية من مواقعها وعودة الجيش الإسرائيلي إلى المنطقة العازلة يضع المنطقة على حافة صدام مباشر.
وفي خلفية هذا المشهد، تبرز أهمية الجولان الاستراتيجية، فهذه المرتفعات توفر لإسرائيل سيطرة على كامل شمال فلسطين، وتُمكّنها من رصد أي تحركات عسكرية في العمق السوري، في المقابل، سوريا ترى في الجولان رمزا لسيادتها الوطنية وملفا لم يُطو أبدا منذ احتلاله.
إعلان انهيار الاتفاق ليس مجرد تصعيد عابر، إنه بمثابة رسالة واضحة بأن قواعد اللعبة القديمة في الجولان لم تعد قائمة.. السؤال الآن.. هل المنطقة ستدخل مرحلة جديدة من إعادة رسم خطوط النفوذ الإقليمية؟