logo
 العشاء الأخير.. سقوط الأسد
فيديو

قبل أيام من سقوطه.. ماذا حدث في "العشاء الأخير" بين الأسد ووزير خارجية إيران؟

10 ديسمبر 2024، 1:30 م

في أحد شوارع دمشق، جلس وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، لتناول عشاء ربما لن يتكرر. كانت الأجواء هادئة، لكن رسائل العشاء كانت عاصفة. طهران التي دعمت النظام السوري لعقود، قررت أن تُغلق فصلًا دامياً في علاقتها بسوريا.

لم يكن العشاء عاديا بل كان وداعا مشحونا بالرسائل. حمل عراقجي رسالة واضحة لدمشق: "إيران لم تعد قادرة على تقديم دعم عسكري للأسد". ما السبب؟ الأسد لم يعد حليفا استراتيجيا، بل عبئا سياسيا واقتصاديا. مصدر إيراني كشف أن دعم النظام السوري كان سيُكلف طهران كثيرا، في وقت تئن فيه تحت وطأة العقوبات والضغوط الدولية.

في الكواليس بدأت ملامح الانسحاب الإيراني تتضح. غادر أفراد النخبة في الحرس الثوري مواقعهم في سوريا، وعاد الدبلوماسيون وعائلاتهم إلى إيران والعراق. هذا التراجع كان إعلانا صامتا بأن الأسد أصبح وحيدا في مواجهة العاصفة.

روسيا بدورها كانت تعيد حساباتها؛ إذ استنزفت الحرب في أوكرانيا قدراتها العسكرية، وبات الحفاظ على قاعدتيها في حميميم وطرطوس أولوية قصوى. صفقات خلف الستار ضمنت سلامة هذه القواعد مقابل تجنب مواجهة فصائل المعارضة التي سيطرت على دمشق.

تركيا الحليف الغريم لعبت دورًا حاسمًا؛ إذ قدمت خرائط دقيقة، وطائرات مسيرة، ودعما للفصائل المسلحة، وهذه كانت عناصر ساهمت في تسريع الانهيار. أنقرة، التي لطالما نفت التورط المباشر، قدمت دعما نوعياً للفصائل، واضعة النظام في مواجهة مصيره.

بين السطور الخفية لهذا الانسحاب، يكمن سؤال أكبر: هل كان التخلي عن الأسد قرارا إستراتيجيا جاء في الوقت المناسب، أم اعترافا متأخرا بفشل مشروع السيطرة الإقليمية؟ إيران التي استثمرت مليارات الدولارات وآلاف الجنود لتثبيت النظام السوري، وجدت نفسها أمام حسابات جديدة، فالعقوبات الأمريكية، واحتجاجات الداخل، وانهيار الاقتصاد، حوّلت دعم الأسد إلى نزيف لا نهاية له.

أما روسيا، التي لطالما اعتُبرت اللاعب الأكثر واقعية، فقد أظهرت أن تحالفاتها ليست أبدية. الكرملين، الذي طالما تغنى بدوره كحامي دمشق، قرر أن الحفاظ على قواعده الإستراتيجية في المتوسط أهم من مستقبل النظام. مع كل خطوة انسحاب، برزت معالم مشهد جديد؛ فالأسد ليس مركز القوة كما كان، بل مجرد بيدق تُرك وحيدا على رقعة الشطرنج الدولية.

هكذا، تحوّل العشاء الأخير لعراقجي في دمشق إلى رمز لنهاية حقبة. إيران وروسيا اللتان صمدتا إلى جانب الأسد لسنوات، قررتا أن دمشق لم تعد تستحق الكلفة. المدينة التي كانت رمزاً للنفوذ الإيراني والروسي أصبحت شاهداً على تغير موازين القوى، بعد أن طوى الحلفاء صفحة الأسد.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC