سماءٌ متوترة فوق غرب المحيط الهادئ، غيوم تتحرك ببطء، وتحتها ترسم المقاتلات خطوطًا حادة كأنها تكتب رسالة لا تحتاج ترجمة.
القصة بدأت فوق المياه الدولية جنوب شرق جزيرة أوكيناوا، حيث انطلقت مقاتلات J-15 الصينية من حاملة الطائرات "لياونينغ"، ووجّهت أنظمة الرادار بضع مرات نحو مقاتلات F-15 اليابانية.
فجأة، كما تقول طوكيو، التقطت أجهزة المراقبة إشارات واضحة: الطيارون الصينيون فعّلوا رادار الاستهداف أكثر من مرة. هنا لم يعد الأمر مجرد مناورة، لقد أضحى خطوة تُقرأ دائمًا في غرف العمليات على أنها بداية سيناريو إطلاق نار محتمل.
اليابان تحركت بسرعة. استدعاء للسفير الصيني، احتجاج شديد، وتصريحات رسمية تؤكد أن الرد سيكون “هادئًا، لكنه حازم”. أما الصين، فرفضٌ قاطع، واتهام لطوكيو بأنها تسعى لخلق أزمة إعلامية لتبرير مواقفها السياسية.
غير أن هذا الاحتكاك الجوي ليس وليد اللحظة. فقبل أسابيع فقط، أثارت رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايشي غضب بكين عندما قالت إن أي تحرك عسكري صيني ضد تايوان يمسّ “بقاء اليابان”. جملة واحدة كانت كافية لتشعل طبقات جديدة من التوتر السياسي والدبلوماسي.
اليوم، يبدو أن المشهد يتسع: تحركات بحرية مكثفة قرب الجزر اليابانية، حديث عن معادن نادرة قد تُستخدم كورقة ضغط، وأصوات في طوكيو تطالب واشنطن بموقف أكثر صلابة… في وقت تفضّل فيه الإدارة الأمريكية الحفاظ على هدوء اتفاقها التجاري مع الصين.
وفي الجنوب الغربي لليابان، تستعد جزيرة يوناغوني لاستقبال وحدة حرب إلكترونية جديدة، قادرة على تشويش الرادارات وإرباك الطائرات المعادية..
هكذا، يتحول حادث راداري واحد إلى مرآة لصراع أكبر، صراع تتداخل فيه السماء والاقتصاد والسياسة. فهل نقترب من أزمة جديدة، أو أن الطرفين يتبادلان فقط رسائل توتر بجرعات محسوبة؟