ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يجيز فرض عقوبات على دول متواطئة في احتجاز أمريكيين "بشكل غير قانوني"
معدل ذوبان جليده غير مسبوق نتيجة لتغير المناخ. درجات الحرارة فيه ترتفع بمعدل أسرع بـ 3 إلى 4 مرات من المتوسط العالمي، ومن المتوقع أن يشهد صيفًا خاليًا من الجليد تمامًا بحلول منتصف القرن الحالي، القطب المتجمد الشمالي، كيف أضحى نقطة صراع عالمية بين القوى العظمى، وماذا يخبئ من كنوز غير مكتشفة؟
حرب مشتعلة فوق الجليد
في سباق السيطرة الذي لا يتوقف بين القوى العظمى في العالم، والذي أشعله ترامب مؤخرًا، تجد أمريكا والصين وروسيا وغيرها من الدول نفسها أمام تحد جديد في بقعة جغرافية وجه التغير المناخي الأنظار نحوها، كقبلة اقتصادية مستقبلية.
القطب الشمالي، تعتبره روسيا جزءًا من أمنها القومي، وقد أنشأت قواعد عسكرية وموانئ جديدة لها في المنطقة هناك، ونشرت أسطولًا قطبيًا متقدمًا، أبرز ما فيه كاسحات الجليد النووية، التي عملت روسيا على تنميتها منذ سنوات، فأطلقت العام الماضي سفينة "إيفان بابانين"، التي تعد أول كاسحة جليد قتالية في البحرية الروسية، مزودة بأنظمة تسليح متقدمة مثل صواريخ كاليبر وكروز، وتعمل موسكو على "مشروع 22220"، الذي يشمل بناء كاسحات جليد مثل "سيبير" و"ياكوتيا"، تعمل بالطاقة النووية، وقادرة على كسر جليد يصل سمكه إلى قرابة 3 أمتار.
ترفض أمريكا مطابات روسيا التوسعية، وتسعى لتعزيز وجودها عبر الاهتمام بولاية ألاسكا كبوابة للقطب، حيث تعد الأخيرة نقطة انطلاق رئيسة للعمليات العسكرية والاستخباراتية الأمريكية في القطب، وتستضيف الولاية العديد من القواعد العسكرية، بما في ذلك قيادة ألاسكا (Alaskan Command)، كما تحتضن الولاية مركز تدريب الحرب الشمالية للجيش الأمريكي، الذي يُعنى بتدريب القوات على القتال في الظروف القطبية القاسية.
وفي عام 2022 أصدرت الولايات المتحدة استراتيجيتها الوطنية للقطب الشمالي، التي شملت عدة محاور كان أبرزها تعزيز الوجود العسكري هناك ودعم المشاريع الاقتصادية.
لم تقف الصين مكتوفة الأيدي، ففي عام 2018، أصدرت أول وثيقة سياسة رسمية بشأن القطب الشمالي، مؤكدة على أهدافها في فهم المنطقة، وهي تعتبر شريكًا رئيسًا في مشاريع الغاز الطبيعي المسال في القطب الشمالي، مثل مشروع "أركتيك إل إن جي 2" في روسيا.
وفي عام 2019، أطلقت الصين سفينة "شوي لونغ 2"، وهي كاسحة جليد بحثية محلية الصنع، تُستخدم في الأبحاث العلمية في القطبين الشمالي والجنوبي، وهي تعمل دائمًا على تعزيز علاقاتها مع الدول القطبية، مثل روسيا والدنمارك والنرويج، في مجالات الطاقة المتجددة، خاصة طاقة الرياح.
القطب كطريق تجاري عالمي
مع تقلص الجليد، بدأت ممرات مائية جديدة في الظهور، ما ينذر بتغيير جذري في خريطة التجارة العالمية، فما هي أبرز هذه الممرات وما أهميتها؟
1. الممر البحري الشمالي (Northern Sea Route - NSR)
يمر بمحاذاة السواحل الروسية من المحيط الأطلسي إلى الهادئ، يبلغ طوله حوالي 5,600 كيلومتر، ويُعتبر أقصر بحوالي 40% من الطرق التقليدية بين أوروبا والشرق الأوسط، بدأت روسيا فعليًا في تطوير البنية التحتية على طوله، وباتت تطلب تصاريح مرور من السفن الأجنبية المارة عبره.
2. الممر العابر للقطب (Transpolar Sea Route)
يمر مباشرة عبر المحيط المتجمد الشمالي، لا يزال في مراحله المبكرة، لكنه قد يصبح ممرًا مباشرًا بين المحيطين الأطلسي والهادئ في العقود المقبلة.
3. الممر الشمالي الغربي (Northwest Passage)
يمر عبر أرخبيل كندا الشمالي، كان تاريخيًا غير صالح للملاحة بسبب الجليد الكثيف، لكنه أصبح أكثر قابلية للعبور في الصيف، ومن المتوقع أن تتحسن أحواله مع استمرار معدل ذوبان الثلوج المتسارع.
كنوز القطب الشمالي غير المكتشفة
كنز من الموارد يخفيه الجليد في القطب الشمالي، ويجعله مطمعًا للقوى العظمى، حيث تشير تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إلى أن القطب يحتوي نحو 22% من احتياطات النفط والغاز غير المكتشفة عالميًا، وبلغة أدق فإن ما تم تقديره يصل إلى نحو 90 مليار برميل من النفط و1.67 تريليون قدم مكعبة من الغاز، إضافة لكميات هائلة من المعادن النادرة مثل النيكل، والكوبالت، والبلاتين، واليورانيوم.
ثروات سمكية كبيرة يتمتع بها القطب أيضًا، منها مخزون وافر من سمك "الشار"، الذي يُعتبر من الأنواع الهامة التي تُستخدم في الاستزراع السمكي في دول مثل كندا وآيسلندا والنرويج وغيرها، كما أنه من المتوقع أن تزداد أعداد الأسماك مع ذوبان الجليد، ما يعزز من إمكانيات الصيد البحري هناك، فضلًا عن امتلاك القطب لإمكانيات هائلة للطاقة المتجددة كالرياح.
لم يعد القطب الشمالي "صحراء بيضاء" كما يُطلق عليه، إنما بات ميدانًا استراتيجيًا للتنافس على طرق الشحن والثروات، وتحديًا بيئيًا عالميًا يهدد التوازن المناخي، والأهم في ذروة الصراع العالمي الحاصل، أنه أضحى فرصة اقتصادية مغرية للقوى المتناحرة.
