من جديد تفوح رائحة النار والبارود من "خط دوراند" ليس لأن المعركة اتسعت، بل لأن الخلاف لم تطوَ صفحته أساساً..
اشتباكات بالأسلحة الثقيلة استمرت لساعات، وأعادت التذكير بأن الحدود بين باكستان وأفغانستان ليست خطاً جغرافياً فاصلاً بقدر ما هي ساحة اختبار للقوة، والسيادة، والنوايا، أيضاً.
الاشتباكات اندلعت عند الشريط الحدودي بين إقليم بلوشستان الباكستاني ومنطقة قندهار الأفغانية..
روايات متضاربة من الجانبين حول هوية الجهة صاحبة الطلقة الأولى.. حركة طالبان قالت إن قواتها ردت على استهداف باكستاني مباشر، فيما أشارت إسلام أباد إلى أن مقاتلين أفغاناً أطلقوا النار أولاً.
وفي جردة سريعة للصراع المحتدم في الفترة الأخيرة نجد اتهامات باكستانية ثابتة تتمحور حول غض السلطات الأفغانية الطرف عن جماعات تنفذ هجمات داخل أراضيها..
في حين ترى طالبان أن الجيش الباكستاني يستخدم الذريعة الأمنية كشماعة لمواصلة انتهاك الحدود، وتنفيذ عمليات تنتهك "سيادة البلاد" على حد تعبيرها.
ووفقاً لمراقبين، لا يمكن فصل الاشتباكات الحالية عن السياق الأوسع للأزمة.. والحديث هنا عن خط دوراند الممتد على نحو 2600 كم.. حيث مازال أحد أكثر الملفات حساسية بين الجانبين، باكستان تعتبره حدوداً دولية غير قابلة للمساومة، بينما ترفض أفغانستان الاعتراف به رسمياً، ما يبقى الباب مشرعاً لاحتكاكات نارية تغذيها معابر تحت مرمى النار.
ورغم إعلان اتفاق تهدئة بين الجانبين في الأشهر الأخيرة، يرى مطلعون على الملف، أن الاشتباكات التي تدور بين فترة وأخرى سببها أن جذور الخلاف لم تحل أساساً.. وأن غياب التسوية الحدودية سيجعل من "خط دوراند" أكثر وعورة.. وبالتالي سيبقى الوضع على حاله مالم يتصاعد بشكل أكبر في مرات مقبلة قد لا تكون بعيدة.