تقديرات الجيش الإسرائيلي: حماس ستحاول نقل المزيد من الرهائن إلى مدينة غزة
لطالما قيل إن المال هو محرك العالم ومن يملكه يملك زمام الأمور .. لكن ماذا لو تحوّل إلى قنبلة موقوتة؟
هذا ما يحصل اليوم في الولايات المتحدة مع اشتعال صراع الجبابرة بين أقوى رجل في الدولة وأغنى رجل في التاريخ الحديث.
تحالف ترامب وماسك الذي بدا استراتيجياً ومتيناً تفجّر فجأة وتحوّل الحب السياسي إلى كراهية علنية وتبادل للاتهامات والتهديدات طالت ركائز الاقتصاد والأمن القومي الأمريكي.
شرارة الخلاف..من المديح إلى التهديد
لم يكن أحدٌ يتوقع أن تتحول العلاقة بين ترامب وماسك إلى صراعٍ علنيٍّ محتدم.. فبعد عامٍ من الإشادة المتبادلة انفجرت الخلافات بين الرجلين بشكلٍ دراماتيكي.
بدأت الشرارة بتباينات في المواقف السياسية والاقتصادية لتتصاعد سريعاً إلى تبادل اتهاماتٍ علنية وتهديداتٍ مباشرة.. وصل الأمر إلى حد اتهام ماسك لترامب بالارتباط بشخصيات مثيرة للجدل بينما رد ترامب بوصف ماسك بأنه "فقد عقله".
تجاوز هذا الصراع مجرد تبادل الإهانات ليتحول إلى تهديداتٍ ذات عواقب ملموسة، هدد ترامب بإلغاء جميع عقود ماسك الحكومية ووقف الدعم الفيدرالي لشركاته مشيراً إلى أن ذلك سيكون "أفضل طريقة لتوفير المال".. هذه الخطوة إن تمت ستكون لها تداعيات وخيمة ليس فقط على إمبراطورية ماسك التكنولوجية بل أيضاً على الوكالات الفيدرالية التي أصبحت تعتمد بشكل كبير على خدماته.
في المقابل رد ماسك بتهديدٍ مضاد معلناً أنه سيبدأ بتفكيك مركبة سبيس إكس دراغون الفضائية التي تعتمد عليها وكالة ناسا في مهام النقل إلى الفضاء..
استثمارٌ سياسيٌّ انقلب على صاحبه
في مفارقةٍ لافتة، يبدو أن المال الذي أنفقه إيلون ماسك لدعم حملة ترامب الرئاسية قد انقلب عليه.. فقد أنفق ماسك أكثر من 250 مليون دولار لدعم الحملة الرئاسية لترامب في رهانٍ بدا حينها مدروساً ومحسوباً.. وفقاً لملفات لجنة الانتخابات الفيدرالية فإن هذه التبرعات الضخمة جعلت من ماسك أحد أكبر الممولين لحملة رئاسية في تاريخ الولايات المتحدة، وأسهمت بشكل حاسم في فوز ترامب وعودته إلى البيت الأبيض.
في المقابل عيّن ترامب ماسك وزيراً لوزارة الكفاءة الحكومية ووفقاً لصحيفة "إيكونوميك تايمز" ارتفعت ثروة ماسك عقب فوز ترامب لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق مقتربةً من 500 مليار دولار كما ارتفعت تقييمات شركاته بشكل كبير مدعومة بتوقعاتٍ باستفادتها من علاقة الملياردير بترامب ودوره في إدارة كفاءة الحكومة.
نقطة التحول.. قانون ترامب الجديد
كان مشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي وقّعه ترامب هو نقطة التحول الرئيسية في هذا الصراع.. غادر ماسك الإدارة الأمريكية فجأة بعد 129 يوماً من العمل على خفض تكاليف الحكومة الفيدرالية، مما أشار إلى خلافات اقتصادية حقيقية بين الرجلين وما لبث ماسك إلا أياماً قليلة قبل أن يهاجم بشراسة مشروع القانون، داعياً الأمريكيين إلى إخبار ممثليهم في واشنطن "بقتل مشروع القانون".
كتب ماسك على منصة إكس أن مشروع القانون من شأنه أن يزيد من عجز الميزانية الأمريكية ويثقل كاهل الأمريكيين بديون "ساحقة".. بينما يحظى هذا المشروع بدعم ترامب وسيكون بمثابة المحور التشريعي لأجندته في فترة ولايته الثانية إذا تم إقراره في الكونغرس.. وتابع ماسك هجومه على القانون ملمحاً إلى أنه قد يحاول عزل السياسيين المسؤولين عن ذلك في انتخابات التجديد النصفي العام المقبل..
ماهي تفاصيل مشروع القانون المثير للجدل؟
وفقاً لشبكة "إي بي سي نيوز" فإن أبرز النقاط التي وردت في قانون ترامب الجديد تتمثل في:
•جعل تخفيضات الضرائب دائمة وهذا يمثل امتداداً للتخفيضات المعمول بها منذ عام 2017.
•إلغاء ضريبة كاتمات الصوت البالغة 200 دولار وهو إنجاز كبير للرابطة الوطنية للبنادق ولوبي السلاح.
•تخفيضات على حوافز الطاقة الخضراء التي كانت من السمات المميزة لقانون خفض التضخم الذي أصدره الرئيس السابق جو بايدن مما يصب في مصلحة لوبي النفط.
•إلغاء الإعفاءات الضريبية لأصحاب المنازل الذين يشترون الألواح الشمسية وتوربينات الرياح وغيرها.
•إلغاء الإعفاءات الضريبية لمن يشترون مركبات كهربائية جديدة أو مستعملة مما يشكل ضربة مباشرة لقطاع السيارات الكهربائية وشركة تسلا.
•خفض برامج التعليم..حيث سيُخفّض مشروع القانون 330 مليار دولار من إنفاق قروض الطلاب.
يقول مكتب الميزانية بالكونغرس إن التخفيضات الضريبية في هذا القانون مجتمعةً تبلغ 3.7 تريليون دولار، مما سيضيف 2.4 تريليون دولار إلى العجز حتى قبل احتساب تكاليف الفائدة.
الخسائر المحتملة.. من يدفع الثمن الأكبر؟
الصراع بين ترامب وماسك يشمل خسائر مالية وسياسية فادحة
بالنسبة لخسائر إيلون ماسك وشركاته.. في يوم واحد فقط خسر ماسك 34 مليار دولار من ثروته في ثاني أكبر خسارة فردية بتاريخ مؤشر بلومبيرغ للمليارديرات.. و أسهم شركة تسلا هوت بنسبة 14%، مما أدى لتراجع قيمتها بـ152 مليار دولار.. كما أن قانون ترامب الجديد قد يكبد تسلا وحدها أكثر من 1.2 مليار دولار سنوياً عبر إلغاء الحوافز الضريبية.
أيضاً مشروع "روبوتاكسي" من تسلا بات تحت تدقيق حكومي ما قد يؤخر إطلاقه.. أما سبيس إكس فتواجه خطر فقدان عقود استراتيجية بقيمة 22 مليار دولار مع ناسا والبنتاغون، وتراجعت استثماراتها بنسبة 13%.. كذلك مشاريع ماسك المستقبلية مثل "نيورالينك" باتت تحت مجهر الرقابة الفيدرالية.
لكن ترامب و حزبه ليسا بمنأى عن الخسائر.. فخسارتهما دعم أغنى رجل في العالم تمثل صفعة موجعة خصوصاً أن ماسك هدّد بشكل مباشر الجمهوريين المؤيدين للقانون الجديد ملوحاً بإسقاطهم في انتخابات التجديد النصفي المقبلة.
كما تكبدت "مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا" خسائر ضخمة بعدما فقدت أكثر من 44% من قيمتها منذ بداية العام، ما كلف ترامب نحو 1.7 مليار دولار من ثروته وفقا لمنصة "فورتشن".
وعلّق ماسك بسخرية لاذعة: "ترامب سيبقى قوياً 3 سنوات ونصف على الأكثر، أما أنا فسأظل كذلك لـ40 سنة قادمة.. فليحسب جيداً".
الثمن الذي ستدفعه أمريكا
يتجاوز هذا الصراع الشخصي حدود المال والسياسة ليصل إلى قلب الأمن القومي الأمريكي:
وكالة ناسا تعتمد على مركبة "دراغون" التابعة لسبيس إكس و هي الوسيلة الوحيدة حالياً لنقل رواد الفضاء الأمريكيين.. و أي تجميد للعقود قد يربك برنامج الفضاء الأمريكي بالكامل.
أما وزارة الدفاع تعتمد بشكل كبير على عمليات الإطلاق التي توفرها سبيس إكس كما تُعد أقمار "ستارلينك" الصناعية بالغة الأهمية في الاتصالات العسكرية.
وبالنسبة لمشروع "القبة الذهبية" أحد أكبر مشاريع ترامب العسكرية الطموحة فيرتبط بشكل وثيق بخدمات سبيس إكس الفضائية.
أما في قطاع السيارات فإن تقويض تسلا يعني فتح الباب على مصراعيه أمام المنافسة الصينية المدعومة حكومياً مما يهدد هيمنة أمريكا على سوق السيارات الكهربائية.
وسط هذه الفوضى يبقى السؤال معلقاً.. من سيدفع الثمن الأكبر في نهاية المطاف الرجل الأقوى أم الأغنى؟ أم سيتحول التنافس إلى معركة كسر عظم تجعل المستقبل الأمريكي كله على المحك..