منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، وجد حزب الله اللبناني نفسه أمام أزمة عسكرية غير مسبوقة، فالمخازن التي اعتمد عليها طيلة سنوات الحرب السورية، باتت تحت سيطرة حكومة انتقالية سورية جديدة تتبنى موقفا مناهضا من تهريب السلاح، ما أدى إلى نقص واضح في قدراته داخل لبنان. هذا النقص ظهر جليا في جبهات الجنوب، حيث تراجعت وتيرة إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، وهو ما اعترفت به مصادر إسرائيلية وغربية على أنه مؤشر على تآكل المخزون.
أمام هذا الواقع، اندفع الحزب إلى محاولة استعادة ما يمكن من مخزونه العسكري داخل سوريا. وتحدثت تقارير أمنية عن محاولات تهريب من ريف دمشق وريف حمص في يناير وفبراير 2025، جرى خلالها ضبط شحنات صواريخ قصيرة المدى وذخائر كانت مهيأة للعبور إلى البقاع اللبناني. ووفقا لمصادر سورية تحدثت لـ"إرم نيوز" فإن السلطات السورية أحبطت خلال شهرين فقط أكثر من 10 محاولات تهريب للسلاح كانت في طريقها من سوريا إلى لبنان.
لم تقتصر المحاولات على التهريب في طرق ومعابر مخفية، بل سعى الحزب لإحياء خطوط الإمداد الاستراتيجية التي كانت تربطه بطهران عبر العراق والبوكمال، غير أن الحكومة السورية الجديدة شددت الرقابة على تلك المعابر، وزرعت الألغام على الطرق غير الرسمية، ما أدى إلى اشتباكات مباشرة مع مجموعات موالية للحزب على الحدود اللبنانية السورية، هذه الاشتباكات كشفت حجم الرهان الذي يضعه الحزب على إعادة فتح المسارات القديمة، باعتبارها شريان حياة لاستعادة توازنه العسكري.
اليوم يقف حزب الله بين مطرقة نقص السلاح في الداخل اللبناني وسندان إغلاق المخازن السورية في وجهه، ومع استمرار الضربات الإسرائيلية وتعقد المشهد السوري، يبدو أن الحزب يواجه معركة وجودية لتعويض مخزونه، وسط بيئة إقليمية ودولية تعمل بكل ثقلها على تجفيف مصادر تسليحه، وتزامنا مع حدود سورية لبنانية هشة أمنيا، وقابلة للاشتعال في أي لحظة.