هل تتراجع سول خطوة إلى الوراء؟ سؤال يفرض نفسه بعد الطلب الأمريكي الأخير، الذي أعاد فتح ملفات حساسة داخل أروقة التحالف بين واشنطن وكوريا الجنوبية.
فبين "السيادة الوطنية" والاعتماد الأمني على المظلة العسكرية الأمريكية، تجد سول نفسها أمام معادلة صعبة.. الولايات المتحدة طلبت من حليفتها مرونة في تحركات قواتها المنتشرة على أراضيها، وهي قوات يصل عددها إلى نحو 30 ألف جندي، طلب ترى فيه دوائر كورية مساسا مباشرا بالقرار السيادي، في وقت يتصاعد فيه القلق من جارتها الشمالية، ويتنامى الحذر من العملاق الصيني.
لقاء البيت الأبيض بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ كشف الكثير من التباينات الصامتة، فبينما لوّح ترامب بورقة علاقاته مع كيم جونغ أون، ضغط على سول بملفات أخرى أكثر إيلاما.. الرسوم الجمركية، والاستثمارات، وحتى التعاون النووي الغامض.
واشنطن تنظر إلى كوريا الجنوبية اليوم كجزء من إستراتيجيتها الكبرى لمواجهة الصين، أكثر من كونها شريكا كامل الأهلية، وهنا يبرز التساؤل.. هل ستقبل سول أن تكون أداة في حسابات البيت الأبيض، أم ستقاوم ضغوطا تمس جوهر سيادتها؟
خبراء العلاقات الدولية يرون أن "المرونة" التي تطلبها واشنطن ليست موجهة لبيونغ يانغ بقدر ما هي رسالة إلى بكين، أما في سول، فيدرك صانع القرار أن التراجع خطوة أمام واشنطن قد يعني خسارة أوراق قوة في مواجهة الشمال، وربما فتح الباب أمام استقطاب صيني متزايد.
في النهاية، تبدو كوريا الجنوبية عالقة بين قوتين.. التحالف الأمني الذي لا غنى عنه مع واشنطن، وحلم السيادة الكاملة الذي لا تريد التضحية به، فهل تتراجع سول خطوة استجابة للضغوط؟ أم أن لحظة كسر الصمت في هذا التحالف باتت أقرب مما نتصوّر؟