خطوة غير مسبوقة في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية، قد تثير تداعيات قانونية وسياسية كبيرة، سواء على المستوى الداخلي في إسرائيل أو في الساحة الدولية.
المحكمة أصدرت أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في قطاع غزة.
يعد القرار تصعيدًا ملحوظًا في التحقيقات المتعلقة بالانتهاكات المحتملة في غزة، ويعكس نية المحكمة تحميل المسؤولين الإسرائيليين المسؤولية المباشرة عن الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعاني منها القطاع.
ويستند القرار إلى نظام روما الأساسي، الذي يشمل 123 دولة عضوًا ملزمة قانونيًا بالتعاون مع المحكمة وتنفيذ قراراتها، بما في ذلك تسليم المطلوبين.
من الناحية السياسية، فإن أوامر الاعتقال قد تقيّد تحركات نتنياهو وغالانت على الساحة الدولية، حيث يمكن توقيفهما إذا سافرا إلى أي من الدول الأعضاء في المحكمة. هذا يشكل تحديًا كبيرًا لهما في المشاركة في محافل دولية أو التفاوض مع قادة دوليين.
في الوقت ذاته، قد يضعف القرار مكانة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو داخليًا، خاصة في ظل المعارضة المتزايدة لسياساته، لا سيما من القوى اليسارية والمجموعات المناهضة للحرب.
كما يمكن أن يُستخدم هذا القرار كأداة سياسية من قبل خصومه لتشويه صورته واتهامه بالفشل في حماية المصالح الإسرائيلية، مما قد يؤدي إلى تقليل دعم الائتلاف الحاكم له.
أما بالنسبة لتطبيق القرار، فإنه يعتمد بشكل رئيسي على توقيت سفر نتنياهو أو غالانت إلى دول أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية. رغم أن المحكمة لم تحدد بعد جدولًا زمنيًا دقيقًا للإجراءات التنفيذية، فإن إصدار أوامر الاعتقال يمثل تهديدًا قانونيًا مستمرًا ضد المسؤولين الإسرائيليين، إذ يمكن توقيفهم إذا زاروا أي من الدول التي تلتزم بتطبيق قرارات المحكمة.
إسرائيل، من جانبها، رفضت التهم الموجهة إليها واعتبرت القرار "معاديًا للسامية". كما اتهمت المحكمة بعدم حيادها، معربة عن عدم قبولها لاختصاصها القضائي في هذا الملف. في المقابل، رحبت حركة حماس بالقرار، معتبرة إياه خطوة تاريخية نحو محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه في غزة.
ستترتب على هذا القرار تداعيات كبيرة، ليس فقط على حرية حركة القادة الإسرائيليين، بل أيضًا على مكانة إسرائيل في الساحة الدولية، مما قد يزيد من عزلتها في بعض الأوساط الدبلوماسية، ويؤجج المعارضة الداخلية ضد سياساتها العسكرية في غزة.