على بُعد 145 كيلومترًا من منشأة فوردو المدمّرة، في عمق جبال زاغروس، حيث الصخر يبتلع الضوء، ينهض "جبل الفأس"، الاسم الذي بات يثير قلق تل أبيب، ويشعل مخيلة أجهزة الاستخبارات العالمية.
فهل يكون هذا الحصن النووي الغامض شرارة الحرب المرتقبة بين إسرائيل وإيران؟
تحت هذا الجبل الصامت، تقول تقارير الأقمار الصناعية إن إيران تبني ما تصفه واشنطن بـ"القلعة النووية الجديدة"، منشأة يُعتقد أنها الأعمق والأكثر تحصينًا في تاريخ برنامج طهران النووي.
منذ الضربة الجوية الأمريكية الإسرائيلية في يونيو الماضي، ظنّ كثيرون أن نبض البرنامج النووي الإيراني قد توقف. لكن صور الأقمار الصناعية، وتقارير "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست"، كشفت عكس ذلك تمامًا: شاحنات تتحرك، وأنفاق تتعمّق، وجدار أمني يمتدّ كالثعبان حول موقعٍ يوصف بأنه "ما بعد فوردو".
في هذا المكان، الذي يُعرف محليًا باسم "كوه كولانغ غاز لا"، تحفر إيران أنفاقًا عميقة بعرض ستة أمتار وارتفاع ثمانية، تمتد على مساحة ميل مربع تقريبًا.
جبل الفأس تريده إيران رسالة ودليلا على أنها تعلّمت الدرس: إذا كانت قنابل الاختراق دمّرت فوردو، فلن تصل إلى هنا. فهنا، في عمقٍ يتجاوز المئتي قدم تحت الأرض، قد تنبض الحياة مجددًا في قلب المشروع النووي الإيراني.
خبراء يرون أن الجبل ربما يخفي مخزونًا من اليورانيوم المخصب، 400 كلغ من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%، وهي كمية تكفي لصنع عدة رؤوس نووية، فُقد أثرها بعد الغارات الأخيرة. بينما ترفض طهران أي تفتيش دولي، مكتفية بعبارة واحدة وجهتها لرئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية:
"ليس من شأنكم."
"جبل الفأس".. هل يكون درع إيران الدفاعي أم خنجرها النووي المقبل؟
في انتظار اتضاح الوضع، يستمر الحفر وتزداد التحصينات، بينما تتأرجح المنطقة بين احتمالين لا ثالث لهما: مفاوضاتٍ قد تعيد الهدوء أو شرارةٍ قد تُشعل حربًا لا يعرف أحد أين تنتهي.