الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
أعمدة دخان تتصاعد من قلب كييف، غيمة سوداء داكنة جثمت على صدر العاصمة، وصرخات تحت الركام تحكي قصة ليلة ليست كسابقاتها بكل تأكيد، فهجوم روسي جديد أعاد شبح الحرب إلى أقسى صوره، مخلّفاً قتلى وجرحى بين المدنيين، ومثيراً مخاوف من دخول الحرب مرحلة أكثر وحشية، لكن ما سرُّ التوقيت؟
الهجوم يمكن وصفه بـ"الأكبر منذ بدء الحرب"، أطلقت موسكو خلاله 805 مسيّرات على الأقل و13 صاروخاً، تقول السلطات في كييف إنها أسقطت أو اعترضت منها 747 مسيرة و 4 صواريخ، لكن من لم يضل الهدف أسفر عن 3 قتلى بينهم رضيع وعشرات الجرحى، وفقاً لأرقام رسمية.
"بنك أهداف" الهجوم الروسي تضمن مباني حكومية وسكنية على حد سواء، أصاب المقر الرئيس للحكومة الأوكرانية الواقع في حي بيتشيرسكي التاريخي، وتسبب في أضرار طالت سقفه وطوابقه العليا، بحسب ما أكدته رئيسة الوزراء الأوكرانية يوليا سفيريدينكو، وبذلك يظهر أن للهجوم الروسي صندوق رسائل واختارت موسكو المسيّرات والصواريخ لنقلها.
"غزوة المسيّرات" الروسية تزامنت مع تحركات دولية جديدة وتعهّد نحو 20 دولة، تتقدمها فرنسا وبريطانيا، بالانضمام إلى قوة "طمأنة" لمراقبة أي اتفاق سلام محتمل. لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رفض، بشكل قاطع، وجود أي قوات غربية في أوكرانيا، واعتبرها أهدافاً "مشروعة" لجيشه.
أيضا رسائل بوتين، وفقاً لمراقبين، قد تكون موجهة إلى أبعد من حدود القارة الأوروبية، تحديداً إلى ما يطلق عليها "عاصمة صنع القرار" هناك في واشنطن، فالهجوم جاء بعد أقل من أسبوع على اجتماع بوتين بـ"أعداء الصف الأول" لدونالد ترامب في بكين، وقد يأخذ الرئيس الروسي بالحرب إلى باب يتجاهل فيه ما دار بقمة ألاسكا مع ترامب قبل أسابيع، وبالتالي حرب مستمرة في أوكرانيا تختبر صبر قاطن البيت الأبيض، وربما جرُّ أطراف أخرى في مواجهة مفتوحة تزيد من تعقيد المشهد.