لم تكد تهدأ الأجواء في برشلونة استعدادًا للموسم الجديد تحت قيادة هانز فليك، حتى انفجرت أزمة جديدة بطلها، كالعادة، الفتى الذهبي لامين يامال.
وبحسب تقارير متزايدة، أبدى النجم الشاب غضبه الشديد واعتراضه على ضم النادي للتعاقد مع الإنجليزي ماركوس راشفورد، في خطوة لا تعكس مجرد رأي فني، بل تمثل تحديًا صريحًا لسياسة النادي وتجاوزًا خطيرًا لصلاحياته كلاعب.
هذا الموقف يضع الإدارة وفليك في مأزق حقيقي، ويثير السؤال الأهم: هل بدأ يامال بالفعل في تجاوز "الخطوط الحمراء" داخل أسوار برشلونة؟
صلاحيات تتجاوز حدود الملعب
لم يعد طموح يامال يقتصر على التألق الفني داخل المستطيل الأخضر. المطالبة العلنية بتنفيذ الركلات الحرة والجزاء، في وجود لاعبين أكثر خبرة، لا يمكن تفسيرها فقط بالثقة بالنفس، بل هي خطوة واضحة نحو فرض الذات وتقويض مباشر للسلطة الفنية للمدرب.
يمثل هذا السلوك تحديًا لهيكلية الفريق، حيث يسعى اللاعب للحصول على امتيازات تتجاوز دوره. وتزداد الصورة قتامة مع تسرب معلومات عن استيائه من سياسات النادي في سوق الانتقالات، كأنما يرى لنفسه حقًا في رسم استراتيجية الفريق، وهو ما يحول اللاعب الموهوب إلى مركز قوة قد يتصادم مع رؤية الجهاز الفني والإداري.
غياب "الكبير": دلال الإدارة وفراغ التوجيه
تتفاقم هذه الظاهرة في ظل غياب واضح لشخصية قادرة على كبح جماح اللاعب وتوجيهه. على العكس، تبدو الإدارة العليا، ممثلة في الرئيس خوان لابورتا، وكأنها تسهم في هذا الدلال المفرط عبر تصريحات تعكس معاملة استثنائية، مثل التعبير عن أسفه لتفويت عيد ميلاد اللاعب.
يخلق هذا الأمر بيئة يشعر فيها يامال بأنه فوق المحاسبة. هذا الفراغ في التوجيه لا يقتصر على النادي، بل يمتد إلى دائرته المقربة، مما يجعله بلا "كبير" يردعه.
وتنعكس هذه الحالة في سلوكيات خارج الملعب، كبعض الصور المثيرة للجدل التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تظهر نقصًا في النضج وغيابًا لمن يرسم له حدود الصورة العامة التي يجب أن يظهر بها كنجم عالمي.
فليك في مواجهة القنبلة الموقوتة
وصل المدرب هانز فليك قبل عام، المعروف بشخصيته القوية وانضباطه التكتيكي الصارم، وبعد موسم ناجح محليًا وجد فليك على طاولته الملف الأكثر حساسية.
مهمته الأولى في الموسم الجديد لن تكون فنية بحتة، بل إدارية ونفسية في المقام الأول. فهو مطالب بإعادة تعريف الأدوار وفرض سلطته على فريق يبدو أن نجمه الأول لا يعترف بتلك السلطة.
أي تساهل من فليك في هذا الملف سيعني فقدانه لغرفة الملابس بأكملها، حيث سيراقب اللاعبون الآخرون كيفية تعامله مع صلاحيات يامال الاستثنائية.
السماح ليامال بهذه الامتيازات سيفتح الباب أمام فوضى عارمة ويخلق حالة من الاستياء بين اللاعبين، مما يحول غرفة الملابس إلى بيئة سامة.
وفي الختام، يواجه برشلونة اختبارًا حقيقيًا. فنجاح مشروع فليك في الموسم القادم لا يعتمد فقط على خططه التكتيكية، بل على قدرته على إدارة هذه الموهبة المتفجرة، ودمجها في منظومة الفريق دون أن تدمرها.
إن مستقبل النادي على المدى القصير يتوقف على إيجاد التوازن الدقيق بين استغلال موهبة يامال الفذة، والتأكيد على أنه لا يوجد لاعب، مهما بلغت نجوميته، أكبر من برشلونة.