ملاذ عماد
في خطوة جديدة تهدف إلى إعادة اللحمة بين دول غرب أفريقيا، أطلق الرئيسان الغاني جوندراماني ماهاما، ونظيره الإيفواري الحسن واتارا، مبادرة تهدف إلى عودة مالي وبوركينا فاسو والنيجر إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس).
ويأتي هذا الإعلان في وقت حساس حيث كانت الدول الثلاث قد أعلنت في وقت سابق عن انسحابها من إيكواس بعد فترة طويلة من الخلافات الدبلوماسية، إلا أن إيكواس أكدت في بياناتها الرسمية على إبقاء أبوابها مفتوحة للحوار مع الدول المنسحبة.
وخلال مؤتمر صحفي في العاصمة الإيفوارية أبيدجان، أكد الرئيسان على أهمية مد جسور التواصل مع هذه الدول الثلاث، مشددين على ضرورة عودتها إلى ما وصفاه بـ"الديمقراطية الدستورية"، حيث أعربا عن اعتقادهما بأن هذه العودة ستعود بالفائدة على المنطقة ككل.
كما دعا الرئيسان قادة دول الساحل إلى التراجع عن قرار الانسحاب لتعزيز التعاون الإقليمي، مؤكّدين على أهمية تبادل وجهات النظر حول آخر المستجدات السياسية والأمنية في المنطقة.
خلفيات انسحاب دول الساحل من إيكواس
يذكر أن الدول الثلاث، التي تشارك في إطار "تحالف دول الساحل"، قد قررت في يناير الماضي الانسحاب من إيكواس، في خطوة كانت محط اهتمام واسع في الساحة السياسية الإقليمية.
وبررت هذه الدول قرارها بما وصفته بـ"العقوبات غير الإنسانية وغير الشرعية" التي فرضتها إيكواس عليها، بالإضافة إلى اتهامات موجهة إلى المنظمة الإقليمية بالتقاعس عن دعم جهود هذه الدول في مكافحة الجماعات المتطرفة التي تنشط في المنطقة.
مستقبل إيكواس في ظل التحديات الراهنة
فيما يخص مستقبل إيكواس، فقد أثيرت تساؤلات في الآونة الأخيرة حول إمكانية انسحاب دول أخرى من المنظمة بعد تصريحات رئيس غينيا بيساو، عمر سيسكو إمبالو، الذي أشار إلى احتمال طرد بعثة إيكواس من بلاده.
وأثار هذا التصريح المزيد من الشكوك حول نوايا غينيا بيساو في السير على نفس نهج مالي وبوركينا فاسو والنيجر، ما يضع إيكواس أمام تحديات أكبر في الحفاظ على وحدتها واستقرارها.
ويأتي هذا التهديد في وقت بالغ الحساسية بالنسبة لإيكواس، التي تواجه صعوبات جمة في مساعيها لإقناع كل من بوركينا فاسو ومالي والنيجر بالتراجع عن قرار الانسحاب. وبالرغم من هذه الضغوط، تسعى إيكواس جاهدة إلى تعزيز تواصلها مع الدول الثلاث، وتبحث في كيفية إعادة بناء الثقة بين أعضائها.
وفي هذا السياق، أفادت الكاتبة والباحثة في الشأن الأفريقي، سامية عبدالله، بأن الكتلة المنشقة حالياً تتكون من مالي وبوركينا فاسو والنيجر التي أعلنت عن تشكيل اتحاد كونفدرالي فيما بينها.
وأضافت أن هذه الكتلة قد تجذب إليها دولاً أخرى تتشارك معها نفس الظروف السياسية والتوجهات الاستراتيجية، مثل غينيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى؛ مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي الإقليمي.
وأشارت عبدالله إلى أن الاعتراف بالمجالس الحاكمة في هذه الدول يمثل تحدياً كبيراً لإيكواس، حيث قد يفتح هذا الباب أمام موجات من الانقلابات العسكرية في دول أخرى.
وفي الوقت نفسه، أكدت أن عدم الاعتراف بهذه المجالس قد يؤدي إلى فقدان إيكواس لمزيد من الدول الأعضاء؛ مما قد يؤثر على مصداقية المنظمة وقدرتها على ممارسة نفوذها في المنطقة.
وبينما تبذل إيكواس جهوداً دبلوماسية لإقناع الدول المنسحبة بالتراجع عن قراراتها، تظل المنطقة تواجه تحديات معقدة، سواء على الصعيد السياسي أو الأمني. والمستقبل القريب سيشهد بالتأكيد تطورات هامة قد تحدد مصير إيكواس والاتحاد الإقليمي في غرب أفريقيا.