logo
العالم

روسيا تُشعل فتيل "حرب النجوم".. "أقمار غامضة" تثير مخاوف الغرب

روسيا تُشعل فتيل "حرب النجوم".. "أقمار غامضة" تثير مخاوف الغرب
قمر اصطناعي روسيالمصدر: رويترز
07 أبريل 2025، 12:59 م

في وقتٍ تتسارع فيه الخطى نحو عسكرة الفضاء، فجّرت روسيا موجة جديدة من القلق الدولي بإطلاقها ثلاثة أقمار اصطناعية عسكرية غامضة، أتبعتها بجسم غير معروف في المدار، في خطوة بدت كتحرّك محسوب وسط سباق تقني محموم، أشعلت المخاوف من تحول الفضاء إلى ساحة مواجهة استراتيجية تُهدد الأمن العالمي.

وفي شباط/ فبراير 2024، أطلقت روسيا ثلاثة أقمار اصطناعية جديدة من سلسلة "كوسموس" حملت أرقام 2581 و2582 و2583، من قاعدة "بليسيتسك" شمالي البلاد، دون أي إعلان عن طبيعة مهمتها.

أخبار ذات علاقة

خفر السواحل الفنلندي يراقب ناقلة النفط "إيجل إس"

حرب أوروبا الجديدة مع روسيا.. "ضربات قاتلة" في أعماق البحار

وأثار هذا الصمت الرسمي شكوك المراقبين، ولا سيما بعد أن رصدت قوة الفضاء الأمريكية، منتصف مارس، جسمًا جديدًا يُعتقد أنه انفصل عن أحد الأقمار.

وبحسب موقع "Space.com"، فإن ظهور جسمٍ واحد بدلًا من شظايا متعددة يُعد مؤشرًا غير معتاد، مما دفع الخبراء للاعتقاد بأن الانفصال كان متعمَّدًا لأغراض عسكرية.

هذه ليست المرة الأولى التي تثير فيها سلسلة "كوسموس" المخاوف، ففي عام 2022، أطلقت روسيا القمر "كوسموس 2553" قبل أيام من غزو أوكرانيا، وتحدثت تقارير استخباراتية أمريكية لاحقًا عن استخدامه لاختبار تقنيات فضائية هجومية.

وكشفت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، عن احتمال تطوير موسكو لأسلحة يمكنها تدمير البنية التحتية الفضائية للخصوم، وهو ما قد يُشكّل تهديدًا مباشرًا للأمن العالمي.

تصاعدت التحذيرات الدولية إثر تقارير استخباراتية أمريكية تشير إلى نية روسيا نشر أسلحة نووية في الفضاء، بهدف تعطيل الأقمار الصناعية من خلال نبضات إشعاعية.

وفي موقف يزيد المخاوف، رفضت موسكو العام الماضي مشروع قرار أمميًّا يدعو لمنع نشر أسلحة نووية في الفضاء، بينما امتنعت الصين عن التصويت، في مؤشّر على تشكُّل تكتلات قد تُسرّع من سباق التسلح الفضائي.

ويبقى السؤال الذي يشغل الأوساط السياسية والعسكرية، هل نحن على أعتاب مرحلة تُحوِّل الفضاء من ميدان استكشاف إلى مسرح صراع مسلح، أم أن تحركات موسكو لا تزال في إطار الردع الاستراتيجي؟

استراتيجية روسية 

أكد الخبراء، أن إطلاق روسيا لثلاثة أقمار صناعية وجسم غامض يحمل دلالات استراتيجية عميقة في ظل التوترات مع الغرب، إذ تسعى موسكو إلى عسكرة الفضاء وتعزيز نفوذها في هذه الساحة الجديدة للصراع الجيوسياسي.

ويرى الخبراء، في تصريحات خاصة لـ«إرم نيوز»، أن هذه الخطوة تأتي كردّ على العقوبات الغربية، ومحاولة لتأكيد مكانة روسيا كقوة تكنولوجية وعسكرية قادرة على تحدي الهيمنة الغربية، ما أثار قلقًا أوروبيًّا بشأن أمن البنية التحتية الفضائية.

وأوضح الخبراء، أن الأقمار الصناعية الثلاثة، التي أُطلقت بما يُسمى بصاروخ "أنغارا 1و2" مخصصة لأغراض عسكرية رغم الإعلان عن وظيفتها الاتصالية، وهذه الأقمار قد تكون مزودة بتقنيات هجومية كتلك القادرة على مراقبة أو تعطيل أقمار صناعية أخرى، خاصة أن الولايات المتحدة حذّرت مسبقًا من نية روسيا إرسال أسلحة نووية إلى الفضاء.

وأضاف الخبراء، أن تعطيل هذه الأقمار سيُضعف قدرات الناتو العسكرية؛ لأن العمليات الجوية والصاروخية تعتمد كليًّا على نظم التوجيه الفضائي، وأن السباق نحو عسكرة الفضاء لم يعد افتراضيًّا، بل دخل مرحلة التنفيذ العملي.

عسكرة الفضاء

بدايةً، قال ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، إن إطلاق روسيا لثلاثة أقمار صناعية، تلاه جسم غامض في منتصف مارس الماضي، يمثل تصعيدًا استراتيجيًّا في سياق الصراع الأوكراني والمخاوف الأوروبية المتنامية، وهو ما يعكس تزايد عسكرة الفضاء وتحوله إلى ساحة جديدة للتنافس الجيوسياسي.

وأضاف بريجع، لـ"إرم نيوز"، أن موسكو تستخدم الفضاء كأداة لفرض نفوذها في مواجهة الهيمنة الغربية، وتسعى من خلال هذا التصعيد إلى استعراض قدرتها على خوض سباق التسلح الفضائي، كرد على العقوبات الغربية ومحاولة لتعزيز صورتها كقوة عظمى.

وأشار إلى أن هذه التحركات أثارت قلقًا أوروبيًّا واسعًا، خصوصًا فيما يتعلق بأمن البنية التحتية الفضائية المدنية والعسكرية، مع تصاعد المخاوف من إمكانية استهداف الأقمار الصناعية في أي صراع مستقبلي، ما يدفع الدول الأوروبية إلى إعادة النظر في استراتيجياتها الدفاعية.

تحركات روسية جديدة

من جانبه، قال الدكتور آصف ملحم، مدير مركز "JSM" للأبحاث والدراسات، إن إطلاق الصاروخ الروسي «أنغارا 1 و 2» ثلاثة أقمار صناعية دفعة واحدة، إلى جانب جسم غريب تحمل الرموز 14F132-29 و14F132-30 و14F132-314، مخصصة لأغراض عسكرية، ويبلغ وزن كل منها حوالي 280 كغم، وتدور في مدار يراوح بين 1493 و1516 كيلومترًا، بفترة خدمة تمتد لـ 5 أعوام.

وأوضح ملحم، في تصريحات خاصة لـ«إرم نيوز»، أن روسيا لم تطلق أي أقمار صناعية منذ سبع سنوات، ما يرجّح أنها أجرت تعديلات كبيرة على أنظمتها الفضائية، وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صرح سابقًا بأن الأقمار الجديدة مخصصة للاتصالات، إلا أن استخدامها الحقيقي قد يكون عسكريًّا، ضمن توجهات لتطوير أقمار صناعية ضاربة.

وأشار ملحم إلى أن هذه الأقمار قد تكون جزءًا من تجارب عسكرية تشمل مراقبة أو تدمير أقمار صناعية أخرى، وتوجيه الصواريخ والقوات بدقة في الزمن الحقيقي، وأن الولايات المتحدة حذّرت العام الماضي من نوايا روسية لوضع أسلحة نووية مخصصة لتدمير الأقمار الصناعية في المدار.

احتمالات التصعيد

وبيّن ملحم أن واشنطن ردت على هذا التهديد عبر إطلاق مئات الأقمار الصناعية الصغيرة ضمن استراتيجية تقوم على العدد، بحيث يضمن استمرار عمل المنظومة حتى إذا تعطّل بعضها، خاصةً وأن الجسم الغريب المصاحب للأقمار الروسية قد يكون سلاحًا كهرومغناطيسيًّا يمكنه تعطيل شبكات الأقمار الصناعية الأمريكية والناتو.

وأكد مدير مركز "JSM" للأبحاث والدراسات، أن هذا النوع من الأسلحة تم تطويره منذ الحقبة السوفيتية، ويُشتبه في أنه سلاح نووي موجه لتدمير أهداف فضائية. واعتبر ملحم أن الحديث عن "حرب فضاء" بين الولايات المتحدة وروسيا ليس وليد اللحظة، بل بدأ منذ أكثر من عام، في ظل تصاعد المؤشرات على عسكرة المدار الأرضي.

وختم ملحم قائلا، إن تعطيل أقمار الناتو وأمريكا سيؤثر بشكل كبير على قدراتها العسكرية، إذ تعتمد معظم العمليات الجوية والصاروخية على الأقمار الصناعية في التوجيه، مشددًا على أن المراقبة الفضائية أصبحت أكثر أهمية من المراقبة الرادارية، التي باتت تُستخدم كوسيلة تكميلية فقط.

 

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC