كما كان متوقعًا، اختار المستشار الخاص جاك سميث، المعين في قضيتي الهجوم على مبنى الكابيتول والوثائق السرية، اللتين لوحق فيهما الرئيس المنتخب دونالد ترامب خلال ولايته الأولى، إنهاء القضايا وإغلاقها.
وطلب سميث من القضاة في المحكمة الفيدرالية بالعاصمة واشنطن إنهاء الإجراءات القانونية المتعلقة بهما.
وكان أعضاء في مكتب وزارة العدل قد كشفوا لـ"إرم نيوز" مباشرة بعد إعلان نتائج انتخابات الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني، أن المتغيرات الجديدة في واشنطن ستجعل مهمة سميث أكثر تعقيدًا في متابعة الإجراءات القانونية، وذلك لأسباب متعددة.
من الناحية الدستورية، لا يمكن للمستشار الخاص ملاحقة ترامب بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، إذ يمنح الدستور للرئيس المنتخب أو الجالس حصانة من الملاحقات القضائية. وفي حال وجود متابعة قانونية، يتم تجميدها حتى مغادرة الرئيس للبيت الأبيض، وعندها يمكن للهيئات القضائية تقدير إمكانية استئناف القضية ضد الرئيس.
هذا السيناريو يعد الأقرب بالنظر إلى بيان إنهاء المتابعة القانونية حاليا، ما يعني تجميد القضية خلال الأربع سنوات المقبلة. ومع ذلك، تبقى الأبواب مفتوحة وفقًا لنص البيان الصادر عن المحقق جاك سميث والقاضي المعين في القضية، تانيا شوتكان.
وقال المستشار الخاص في بيانه إن قرار إنهاء المتابعة القضائية لا يعني أن الأدلة في لائحة الاتهام كانت ضعيفة، أو أن الإجراءات المتبعة كانت غير سليمة، بل أن التغيرات السياسية هي التي دفعت إلى اتخاذ هذا القرار. وأوضح أن هذه الظروف هي ما جعله يتنحى عن القضية أولاً، ثم يوقف المتابعة القضائية ضد الرئيس السابق والرئيس المنتخب حاليا، وفق قوله.
من جهتها، أكدت القاضية شوتكان في بيان لها أن الحصانة التي يتمتع بها الرئيس الحالي في البيت الأبيض هي حصانة مؤقتة ومحدودة في الوقت، مشيرة إلى أن المسار القانوني يبقى قائمًا وقابلًا للاستئناف فور انتهاء فترة الحصانة الرئاسية.
من الطبيعي أيضًا الإشارة إلى أنه سيكون أمام الرئيس المنتخب تعيين وزير جديد للعدل في إدارته الجديدة، وعندها سيكون أمام الفريق الجديد فرصة لإنهاء المتابعة القضائية في القضيتين بشكل نهائي. وهذا يجعل مسألة العودة إلى القضية بعد انتهاء ولاية ترامب الرئاسية الثانية أمرًا غير ممكن.
من جهته، عبر الرئيس المنتخب دونالد ترامب، عبر منصته "تروث سوشيال"، عن سعادته بهذا الانتصار، مجددًا التأكيد على أن المتابعة القانونية في القضيتين لم تكن سوى عملية استهداف سياسي واستخدام واضح لمؤسسة العدالة ضده.
وعلى الرغم من أن هذا التطور كان متوقعًا من فريق المستشار سميث، الذي يخطط للاستقالة من مهامه في وزارة العدل قبل عودة ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل، إلا أن هذه الخطوة تهدف إلى تجنب مواجهة محتملة بين الرجلين، خاصة بعد تهديدات ترامب خلال حملته الانتخابية بإقالة سميث في الساعات الأولى من ولايته الجديدة.
لذلك، يفضل سميث تجنب هذا السيناريو في ظل الإدارة الحالية.
وبعد حدوث الجزء الأول من هذا السيناريو، تُطرح الآن أسئلة لدى الرأي العام الأمريكي حول سرعة مسح هذه القضايا بهذا الشكل، مما يترك وراءه العديد من التساؤلات وقليل من الإجابات حول جدية الاتهامات الموجهة للإدارة الحالية بشأن استخدام وزارة العدل ضد الخصوم السياسيين.
مسألة أخرى تبرز على الساحة الآن هي مصير المتهمين الذين شاركوا في الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير/ كانون الثاني 2021، حيث يقضي عشرات منهم عقوبات متفاوتة في السجون الفيدرالية بعد إلغاء المتابعة القضائية بحق المتهم الرئيسي.
وقد أكد الرئيس ترامب خلال حملته الانتخابية أن هؤلاء المسجونين، من وجهة نظره، "وطنيون مخلصون"، وتعهد بإصدار عفو رئاسي عنهم فور عودته إلى البيت الأبيض. وإذا أصر ترامب على تنفيذ هذا الوعد، فإنه سيواجه مواجهة مباشرة مع المؤسسات القانونية، ولا أحد يعرف حتى الآن شكل وطبيعة هذه المواجهة.
ويرى قانونيون مستقلون أن القضية بأكملها تشكل ضربة مؤلمة لمؤسسة العدالة الأمريكية، التي كانت تحظى بدعم سياسي وإعلامي واسع، وصولاً إلى هذه اللحظة التي يقرر فيها المحقق الخاص الانسحاب من القضية.
وسيكون من المهم متابعة القرارات التي قد يتخذها الرئيس ترامب بعد أداء اليمين الدستورية في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل.