حزب الله: تحرك مجلس الوزراء اللبناني بشأن خطة الجيش فرصة للعودة إلى الحكمة والتعقل
اعتبر خبراء أن التسريبات المتعلقة بإلغاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مبادرات بلاده لمحاسبة موسكو على جرائم حرب في أوكرانيا، واقتراح واشنطن على الأوروبيين الاعتراف بضم روسيا لـ"القرم"، "مقايضة" كبرى مع الروس.
وأضاف الخبراء في العلاقات الدولية والشؤون الأوروبية الأوكرانية، لـ"إرم نيوز"، أنه سيكون مقابل هذه المقايضة التعاون الذي تحتاجه واشنطن في ضبط النفوذ الصيني ومواجهة أوروبا اقتصاديًّا.
وأوضحوا أن هذه المقايضة الموضوعة في إطار الصفقات التي يجيد ترامب إبرامها، تأتي ضمن إدراك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن نظيره الأمريكي في حاجة إليه بشكل كبير للعب أدوار محورية لصالح واشنطن في ملفات أبرزها كوريا الشمالية، والمواجهة مع الصين، والملف النووي مع إيران، وسط احتمالية خضوع ذلك لصفقة تكون لصالح روسيا، يعارضها الغرب الأوروبي تتعلق بشبه جزيرة القرم ومحافظتي دونيتسك ولوغانسك "الدونباس"، زابوروجيا، وخيرسون.
وأشاروا إلى أن إلغاء إدارة ترامب مبادرات كانت تهدف إلى محاسبة موسكو على "جرائم حرب" في أوكرانيا يعكس رفضه العميق لأدوار وعمل المنظمات متعددة الأطراف بشكل عام والمحكمة الجنائية الدولية بشكل خاص.
يأتي ذلك في الوقت الذي ذكرت فيه صحيفة "واشنطن بوست" أن إدارة ترامب ألغت العديد من المبادرات التي كانت تهدف إلى محاسبة موسكو على ما اعتبرتها "جرائم حرب" في أوكرانيا، بما في ذلك مكتب تنسيق الاستخبارات المشترك بين الحزبين.
ومؤخرًا، نقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة قولها إن الولايات المتحدة قدمت اقتراحًا يتمثل في الاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وتجميد خطوط المواجهة في الحرب ضمن اتفاق سلام.
وبهذا الصدد، يقول الخبير في العلاقات الدولية، الدكتور محمد بايرام، إن سخاء ترامب مع الروس يأتي تحت عنوان عريض مفاده :"عالم بلا خطوط حمراء ثابتة، بل خطوط تفاوض متحركة حسب المصالح".
وأضاف بايرام، لـ"إرم نيوز"، أنه يمكن فهم سخاء ترامب مع الروس من خلال نقاط، في صدارتها اعتماده مبدأ "المقايضة" باعتراف غربي بسيادة روسيا على القرم، وهي حتمًا سابقة خطيرة تقلب أحد أهم مبادئ القانون الدولي بعدم جواز تغيير الحدود بالقوة، مقابل وقف لإطلاق النار، أو انسحاب روسي من بقية الأراضي الأوكرانية، فضلًا عن ضمانات بعدم انضمام كييف إلى حلف "الناتو".
وأكد أن هذا التصور يصب في مصلحة موسكو بشكل واضح، ويلبي مطالبها التاريخية، ويكرس سياسة الأمر الواقع، وهو ما تعتبره كييف ودول القارة العجوز مكافأة للعدوان الروسي على أوكرانيا.
وبين بايرام أن تقارب ترامب مع بوتين لا يزال نقطة خلاف داخل الحزب الجمهوري ذاته، لكن سخاء الرئيس الأمريكي في هذا الصدد جزء من مقايضة كبرى مع الروس تشمل ضبط النفوذ الصيني ومواجهة أوروبا اقتصاديًّا.
ولفت إلى أن ترامب لا يرى السياسة الخارجية من منظور القيمة، ولكن ضمن إطار الصفقات، والقرم مقابل انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية تبدو له صفقة رابحة، حتى لو أنها تقوض العلاقات الدولية في ظل تفضيل ترامب النتائج السريعة القابلة للتسويق الداخلي على بناء تحالفات استراتيجية طويلة الأمد.
وتابع بايرام: "ما يبدو من سخاء ترامب تجاه روسيا، هو تعبير عن رؤية سياسية ترى في التسويات الواقعية والصفقات المباشرة حلًا للأزمات، حتى لو جاء ذلك على حساب القانون الدولي والعدالة الإنسانية"، وهو ما يطلق عليه "المقاربة الترامبية" التي تثير قلق حلفاء الولايات المتحدة، لكنها تحظى برضى كبير من قوى تريد إعادة ترتيب النظام العالمي بعيدًا عن مركزية القيم الغربية التقليدية.
وأشار إلى أن القرم وأوكرانيا مجرد أوراق تفاوض لـ"ترامب"، الأمر الذي سينعكس على النظام الدولي، إذ إن اعترافه بأن القرم لروسيا حتى لو بشكل غير رسمي، سيشجع دولا أخرى على انتهاج سياسات توسعية وإلغاء مساءلة موسكو مما يقوض الأدوات القانونية، ويضعف أدوار المجتمع الدولي في ردع الجرائم، وبالتالي زيادة هذه الحالات عالميًّا.
ولفت بايرام إلى أن إلغاء إدارة ترامب مبادرات كانت تهدف إلى محاسبة موسكو على "جرائم حرب" في أوكرانيا، يعكس رفضها العميق لأدوار وعمل المنظمات متعددة الأطراف بشكل عام، والمحكمة الجنائية الدولية بشكل خاص.
من جانبه، يوضح المختص في العلاقات الأوروبية الأوكرانية، محمد العروقي، أنه رغم مرور أكثر من 100 يوم على "الحقبة الترامبية"، إلا أنها مرحلة تغيير لمعظم الموازين والأعراف الدولية السياسية والاقتصادية وحتى الأيدلوجية.
وأضاف العروقي، لـ"إرم نيوز"، أن ترامب يعتمد التجارة والصفقات أكثر من التعامل على أسس والتزامات الجغرافيا والسياسة والقانون الدولي، حيث إن مصالحه التجارية الاقتصادية تتفق مع روسيا أكثر من الغرب الأوروبي، الأمر الذي يجعل أوكرانيا تدفع الثمن لكونها الطرف الضعيف في المعادلة.
وأكد العروقي أنه بجانب صفقات ترامب التي يستهدفها في مواقع دولية مع موسكو على حساب أوكرانيا، سيقوم أيضًا بابتزاز الأخيرة متمسكًا بإعادة الأموال وثمن السلاح الذي حصلت عليه كييف من بلاده خلال هذه الحرب، ليكون الرهان على اتفاقية "المعادن الثمينة" في أوكرانيا، مما يجعلنا أمام عملية "ابتزاز" مباشرة، على حد وصفه، فضلًا عن مساعي ترامب للحصول على المفاعل النووي بمدينة زابوروجيا، والإشراف عليه من جانب واشنطن.
وأوضح أن "العقلية الترامبية" تتفق مع مثيلتها للرئيس بوتين، حيث هناك شبه توافق على العديد من الملفات الدولية، بينها أوكرانيا، في ظل شعور الأخير بأن الرئيس الأمريكي في حاجة إليه أكثر، لذلك تقوم روسيا بتقوية موقفها التفاوضي بالابتزاز والتلويح بلعب أدوار محورية في ملفات تهم واشنطن تتعلق بإيران والصين وكوريا الشمالية.
وقال: "هناك يقين تام لدى الإدارة الأمريكية بضرورة الاستغناء عن 5 مناطق يتمسك بها الغرب، وهي شبه جزيرة القرم، محافظتي دونيتسك ولوغانسك "الدونباس"، زابوروجيا، وخيرسون".
وتوقع العروقي أن تصل الأمور في النهاية إلى مرحلة تجميد للصراع، ما يبعد أي أفق لحل منطقي؛ لأنه إذا عاد الديمقراطيون بعد 4 سنوات إلى البيت الأبيض، سيكون هناك رجوع إلى نقطة الصفر.