يشهد مضيق تايوان توترا غير مسبوق في ظل مناورات حربية تايوانية هي الأولى من نوعها، في الوقت الذي تحافظ فيه بكين على التريث وعدم اتخاذ إجراء عسكري كغزو الجزيرة.
وقال خبراء إن بكين لا ترغب في الدخول في حرب قد تضر باقتصادها، خاصة في ظل الحرب التجارية التي يخوضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضدها.
وأشاروا إلى أن المناورات العسكرية، ثم التدريبات المدنية التي شهدتها تايبيه، تمثّل "استفزازاً" مدفوعًا من الولايات المتحدة بتحريك تايوان، على أمل دفع الصين إلى رد عسكري، وهو ما تدركه بكين جيدًا.
وشهدت العاصمة التايوانية تدريبات مدنية شملت إجلاء السكان إلى الملاجئ مع إطلاق صافرات الإنذار، بهدف تدريب المدنيين على كيفية التعامل مع هجوم صيني محتمل، إلى جانب تنظيم عمليات توزيع المساعدات خلال أوقات الحرب.
جاء ذلك بعد أن أجرت تايوان تدريبات عسكرية استمرت 10 أيام، بمشاركة أكبر عدد من جنود الاحتياط في تاريخ البلاد، وشملت تدريبات على صد غزو صيني محتمل، باستخدام أحدث قاذفات الصواريخ التي تسلمتها الجزيرة من الولايات المتحدة خلال العام الجاري.
وتأتي هذه المناورات في ظل إصرار الصين على اعتبار تايوان جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، وعدم استبعاد خيار الغزو العسكري لإعادة ضمّ الجزيرة إذا اقتضت الحاجة.
وقال الباحث في العلاقات الدولية أحمد العلوي، إن "المناورات العسكرية والتدريبات المدنية التي تنفذها تايوان تهدف إلى إيصال رسالة لبكين مفادها الاستعداد لأي غزو صيني.
وقال العلوي لـ"إرم نيوز"، إن المناورات "تمثل استفزازًا مدفوعًا من الولايات المتحدة لتحريك تايبيه، واستدراج رد فعل عسكري صيني تدرك بكين مخاطره جيدًا".
وأضاف أن "الصين تدرك أن القيام بأي غزو لتايوان في الوقت الحالي قد يكون فخًا دبره الغرب بقيادة واشنطن، لإفشال مسيرة الصين وعرقلة إنجازاتها، ليس فقط على المستوى الاقتصادي والتجاري، بل حتى على المستويات العسكرية".
وأوضح أن بكين تدرك تمامًا حجم الإنجازات التي حققتها مؤخرًا، والسيطرة التي باتت تفرضها على محيطها، وهو ما يثير قلق الغرب، الذي يحاول عرقلة هذه المسيرة، ويرى في ملف تايوان الأداة الأبرز لإشعال فتيل حرب تعيق التقدم الصيني.
وأشار العلوي، إلى أن "تايوان تحاول من خلال هذه المناورات والتدريبات، الإيحاء بأن حربًا وشيكة تلوح في الأفق، بهدف الحصول على مزيد من الدعم العسكري والدفاعي من الولايات المتحدة، لا سيما في ظل مطالبات تايبيه المتكررة بتزويدها بمنظومات صاروخية وجوية متطورة لم تستجب لها واشنطن بعد".
وقال الخبير في الشؤون الآسيوية طارق السنوطي، إن "هناك توترات قائمة منذ سنوات، لكن احتمال لجوء الصين إلى غزو عسكري لتايوان خلال الفترة المقبلة يظل أمرًا مستبعَدًا".
وأوضح السنوطي لـ"إرم نيوز"، أن "الولايات المتحدة تدعم تايوان عسكريًا واقتصاديًا، على الرغم من اعترافها بمبدأ "الصين الواحدة"، حيث تنتهج واشنطن سياسة الغموض، فتعلن رسميًا التزامها بذلك المبدأ، لكنها في الوقت نفسه تزوّد تايوان بأحدث الأسلحة.
ورأى أن "الصراع قائم على جميع المستويات، وفي وقت تُحشد فيه القوات التايوانية بشكل كبير، لا ترغب الصين في الدخول في حرب قد تمنح الولايات المتحدة فرصة لتدمير اقتصادها، خاصة أن بكين أصبحت مصنع العالم وسيدة سلاسل الإمداد، وهذا ما منحها هذه القوة الاقتصادية التي لن تتنازل عنها بسهولة".
وأردف السنوطي، أن "الحرب ليست نزهة، والساسة الصينيون يدركون ذلك جيدًا، ما يجعلهم يستبعدون خيار غزو تايوان في الوقت الراهن، رغم استمرار التوترات بسبب دعم الولايات المتحدة لتايوان".