برزت استراتيجية "تبادل الهدايا"، كما يطلق عليها مراقبون ومحللون سياسيون، على الساحة السياسية، لتكشف طريقة تعامل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع خصومه في العالم، خاصة الشرق الأوسط.
سياسة "تبادل الهدايا"، وفق مراقبين، فرضت نفسها مؤخرا كمنهجية ناجعة في تعامل ترامب مع خصومه السياسيين الأكثر عناداً، والتي بدأها مع رئيس أوكرانيا زيلينسكي، ثم الحوثيين في اليمن، ومؤخرا مع حركة حماس في غزة.
وأعلن ترامب قبل أيام تعليق الضربات العسكرية الأمريكية التي كانت تستهدف ميليشيا الحوثي، مقابل وقف الميليشيا، المدعومة من إيران، استهداف السفن الأمريكية في البحر الأحمر.
وفي قطاع غزة، تجسدت استراتيجية "تبادل الهدايا" في إعلان حماس الإفراج عن الرهينة حامل الجنسية الأمريكية عيدان ألكسندر "دون أي شروط" في بادرة حسن نية تجاه ترامب قبيل زيارته للشرق الأوسط.
وفي تصريح يعكس المزاج العام، أكد وزير الزراعة الإسرائيلي أن إطلاق سراح عيدان جاء تلبية لطلب أمريكي، وليس ضمن صفقة وأهداف إسرائيل من الحرب لم تتغير، على حد قوله.
تخفيف الآثار
وكشفت هيئة البث العبرية أن مبعوث ترامب ستيف ويتكوف سيلتقي بنتنياهو ومسؤولين كبار آخرين، وربما يلتقي أيضًا عيدان ألكسندر بعد إطلاق سراحه من الأسر.
ورأت أوساط سياسية أن ذلك اللقاء ربما يهدف لتخفيف وقع وأثر الصدمة المربكة التي تعرضت لها إسرائيل.
بالتزامن مع ذلك، صرح مصدر إسرائيلي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" قائلاً إن "الاستعدادات لاستقبال عيدان ألكسندر اكتملت وتواصلنا مع الصليب الأحمر لاستلامه".
وأعلنت مصادر في حماس، اليوم، أنها علمت بأمر "تهدئة مؤقتة" لإخراج عيدان ألكسندر من قطاع غزة، وفق ما أوردته هيئة البث.
ونشرت هيئة البث مقطعا يظهر تجهيز الجيش الإسرائيلي موقعا لاستقبال الرهائن في "رعيم" تمهيدا لإطلاق سراح عيدان ألكسندر.
خلف الكواليس
من جهتها، تحدثت صحيفة "معاريف" مع الضابط المتقاعد عميت يغور، المسؤول السابق في جهاز الاستخبارات، لفهم ما يجري خلف كواليس اتفاق الإفراج، والمعاني الواسعة له على الساحة الدولية.
وقال يغور: "الرسالة الرئيسية التي نقلها الوسطاء إلى حماس قبل موافقتها على إطلاق سراح عيدان ألكسندر كبادرة تجاه الولايات المتحدة، دون طلب مقابل، كانت: (أعطوا ترامب هدية وسيعطيكم هدية أكبر)".
وأضاف: "هذه أيضًا كانت الفكرة الرئيسة التي أدركها جميع اللاعبين في الشرق الأوسط بعد مرور 100 يوم على ولاية ترامب، هو رجل أعمال يمكن شراؤه، وهذه هي اللغة التي يجب الحديث بها معه"، على حد تعبيره.
استياء في إسرائيل
فجّر الإعلان عن إطلاق سراح عيدان، اليوم الاثنين، حالة استياء وغضب واسعة في الأوساط الإسرائيلية وأثارت ردود فعل ناقدة لنتنياهو وإدارته لملف الرهائن ولإفساح المجال أمام ترامب للتصرف كما يشاء.
هيئة البث الإسرائيلية نقلت عن الوزير آفي ديختر انتقادا شديد اللهجة لترامب قال فيه: "نحن لسنا النجمة رقم 51 على العلم الأمريكي وأهداف الحرب الإسرائيلية لم تتغير".
من جهتها نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت موقفا مماثلا بقوله إن "قضية عيدان ألكسندر تكشف إن إسرائيل ضعيفة في هذا الجانب".
ونقلت الإذاعة أيضا عن رئيس الموساد السابق إفرايم هليفي اعتراضه على توكيل الوزير رون ديرمير ملف الرهائن قائلا: "ديرمر غير مناسب لإدارة المفاوضات، وعلاقته مع الإدارة الأمريكية سيئة، وديرمير يجب ألا يبقى في منصبه".
من جهته، عبّر زعيم حزب العمل يائير غولان عن صدمته لما يحدث قائلاً: "أنا مصدوم لأن جنديا إسرائيليا تخلت عنه الحكومة يحتاج إلى رئيس أمريكي لإطلاق سراحه".
وأضاف في تصريح له: "حقيقة أن الإفراج عن عيدان فقط لأنه يحمل الجنسية الأمريكية عار ومهانة"، مشددا على أن "الحكومة الإسرائيلية هي من تخلت عن المختطفين وبالتالي هي من يجب أن تعيدهم".
في السياق، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن والد أحد الأسرى بغزة قوله: "على ويتكوف وترامب إجبار نتنياهو على وقف الحرب والتفاوض بشأن الأسرى".
في الإطار ذاته، طالبت "هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين"، في بيان لها، بضرورة أن تكون عودة عيدان ألكسندر بداية لاتفاق واحد يعيد جميع الأسرى".
وشددت على أن "الإفراج المتوقع عن ألكسندر عيدان يظهر التزام قائد حازم (ترامب) تجاه مواطنيه".
ووجهت سؤالا لنتنياهو مفاده: "ماذا عن التزامك تجاه المخطوفين الثمانية والخمسين المتبقين؟ هل ستختار الحكومة إعادة الرهائن والسماح للمجتمع بالتعافي أم ستواصل المماطلة".