logo
العالم

"نقطة اللاعودة".. كييف تحت النار ورسائل موسكو تتجاوز الميدان

آثار غارة روسية على كييفالمصدر: إعلام أوكراني

لم تكن سماء كييف هذه المرة مجرد ساحة إنذار أو غارات متقطعة بل تحولت إلى ساحة حرب مفتوحة، بعد أن انهالت طائرات مسيرة وصواريخ روسية على العاصمة الأوكرانية في هجوم هو الأعنف منذ شهور.

الهجوم استهدف قلب المدينة ومنشآتها الحيوية للطاقة، وأعاد للأذهان الليالي الأولى من الغزو الروسي عام 2022، وذلك في وقت تحاول الإدارة الأمريكية فيه إعادة فتح نافذة الحوار المغلقة بين موسكو وكييف.

وصف المسؤولون الأوكرانيون الهجوم بـ"الضخم"، حيث أدى إلى مقتل شخص وإصابة 12 آخرين، كما تسبب في سلسلة من الحرائق والانفجارات بوسط العاصمة. ونتج عن الهجوم أيضا انقطاع الكهرباء والمياه؛ ما أغرق أحياءً كاملة في الظلام.

أخبار ذات علاقة

انفطاع الكهرباء في العاصمة الأوكرانية كييف

كييف و9 مناطق تغرق في الظلام.. هجوم روسي عنيف يشل البنية التحتية

ووفق تقارير غربية، استخدمت موسكو أكثر من 450 طائرة مسيرة و30 صاروخًا، في عملية اعتبرها الرئيس فولوديمير زيلينسكي «هجوماً ساخراً ومحسوباً» يستهدف المدنيين والبنية التحتية للطاقة عمدًا استعدادًا لفصل الشتاء القارس.

ويرى خبراء أن التصعيد الروسي المكثف على كييف يعكس رغبة موسكو في فرض واقع ميداني جديد قبل أي تسوية محتملة، مشيرين إلى أن الضربات التي استهدفت منشآت حيوية في العاصمة الأوكرانية تمثل رسالة مباشرة للغرب بأن الكرملين لن يسمح بمرور صواريخ بعيدة المدى مثل «توماهوك» إلى أوكرانيا دون رد قاسٍ.

وأشار الخبراء في تصريحات لـ«إرم نيوز» إلى أن موسكو تتبع استراتيجية «الاحتواء دون تدمير شامل» لإبقاء أوراق القوة بيدها مع السعي لإنهاك كييف واستنزاف قدراتها في ظل تراجع واضح للدعم الغربي الفعّال.

تحقيق الأهداف الاستراتيجية 

وأكد كارزان حميد، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، أن التصعيد الروسي الأخير في أوكرانيا يعكس اختبارا مستمرا لقدرة الطرفين على تحقيق أهدافهما الاستراتيجية، مشيرا إلى أن موسكو رفعت منذ مطلع عام 2025 من وتيرة هجماتها، وتمكنت من التوغل بوتيرة أسرع وأوسع مقارنة ببداية الحرب في فبراير/ شباط 2022.

وقال في حديث لـ«إرم نيوز» إن الجيش الروسي نجح في السيطرة على نحو 5000 كيلومتر مربع هذا العام، واقترب من إحكام قبضته على كامل إقليم دونباس؛ وهو ما يعزز القناعة بأن الكرملين يسعى لترسيخ واقع ميداني قبل أي مفاوضات قادمة.

وأضاف المحلل السياسي، أن موسكو تعتمد في هجماتها استراتيجية الاحتواء دون تدمير شامل إذ تعتبر أوكرانيا امتداداً عرقياً واستراتيجياً لها، لكنها تصعّد لهجتها ضد النظام السياسي في كييف مع الحرص على التفرقة بين الشعب الأوكراني والنظام الحاكم.

وأشار إلى أن الكرملين يقدم خطابه على أنه حرب ضد ما يسميه "الإرهاب النازي" الجديد، وذلك في إشارة إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في حين ترد كييف باستخدام جميع الوسائل لضرب العمق الروسي ضمن عمليات مثل "شبكة العنكبوت"، مستهدفة البنية التحتية للطاقة داخل الأراضي الروسية.

أخبار ذات علاقة

أفراد من الجيش الروسي في أوكرانيا

بعد احتدام معارك دونباس.. أين تتجه القوات الروسية في سبتمبر "العنيف"؟

النصر السياسي والعسكري الأمريكي 

ويرى الخبير في الشؤون الروسية أن الغرب يتحرك في مسار واضح يهدف إلى إخضاع موسكو سياسيا وعسكريا وإجبارها على التفاوض وفق شروطه، موضحا أن واشنطن تسعى لتسجيل نصر سياسي وعسكري على جيش يندر أن خسر أي حرب خاضها.

وأكد حميد، أن إحدى الرسائل الواضحة من الكرملين إلى داعمي كييف، وخاصة الولايات المتحدة، أن أي صواريخ "توماهوك" يتم إرسالها إلى أوكرانيا ستكون أهدافا مباشرة للقصف الروسي أينما وُضعت داخل الأراضي الأوكرانية.

وأضاف المحلل السياسي أن استمرار بعض الدول الأوروبية في دعم الحرب يندرج ضمن سياسة الاستنزاف الاقتصادي والعسكري لروسيا، معتبراً أن هناك لاعبين مشاغبين داخل الاتحاد الأوروبي يسهمون في تأجيج الصراع؛ ما جعل الأراضي الأوكرانية مكشوفة أمام الهجمات الروسية.

ورأى حميد أن الإدارة الأمريكية الحالية لا تسعى جديا نحو حل سلمي، معتبرا أن واشنطن تستفيد من استمرار الحرب لتعزيز مبيعات السلاح وفرض أجندتها على الطرفين قائلاً: «لو كانت جادة، لدفعت منذ 10 أشهر فقط باتجاه مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة».

وتابع: «ترامب يؤجج الصراع من خلف الكواليس ويسعى لخلق توازن عسكري عبر دعم أوكرانيا بالأسلحة والمعلومات الاستخبارية، مع إبقاء الباب مفتوحا أمام موسكو للحوار، في تطبيق عملي لنظرية الاحتواء المزدوج».

وأضاف الخبير في الشؤون الروسية، أن هناك قناعة تتشكل في بروكسل بأن روسيا باتت الطرف المنتصر في هذه الحرب، لكن الأوروبيين يحاولون تقليل خسائرهم الناتجة عن دعم كييف.

وحذر من أن التصعيد الأوروبي المتسارع ضد موسكو يعكس إدراكا بأن الصراع ليس في صالحهم سياسيا أو اقتصاديا وأن الضغط لتمويل أوكرانيا بصواريخ «توماهوك» قد يقود في النهاية إلى «نقطة اللاعودة».

تهديدات غربية 

من جانبه، قال د. نزار بوش، أستاذ العلوم السياسية بجامعة موسكو، إن التهديدات الغربية - خاصةً الأمريكية -  بإرسال صواريخ بعيدة المدى من طراز «توماهوك» إلى أوكرانيا قد تدفع روسيا إلى اتخاذ إجراءات استباقية، مضيفا أن موسكو ربما تسبق هذا الاحتمال بضربات تستهدف البنى التحتية الأوكرانية لمنع استخدامها ضد الأراضي الروسية.

وأكد الأستاذ في العلوم السياسية في حديث لـ«إرم نيوز» أن القيادة الروسية تركز حاليا على إنهاء الحرب وإعلان النصر، مشيرا إلى أن الإعلام الروسي والكرملين يؤكدان على هذه الرسالة بشكل متكرر. 

ولفت إلى أن الاتهامات الغربية لروسيا بإطلاق مسيرات على دول أوروبية من دون أدلة واضحة، تتزامن مع خطوات فعلية لنشر قدرات عسكرية قرب حدودها، خصوصا في إستونيا ودول البلطيق؛ ما دفع موسكو إلى تكثيف استعداداتها العسكرية والرد على ما وصفه بـ«التصرفات الغربية الخطيرة».

وأشار بوش إلى أن الرسائل الروسية الأخيرة تضمنت تهديدات واضحة بأن أي وصول لصواريخ بعيدة المدى إلى كييف سيقابل بضرب البنى التحتية الأوكرانية - عسكرية ومدنية - لمنع استخدامها أو لإيصال هجوم بعيد المدى.

وأضاف أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا ضغطت على واشنطن لعدم مواصلة المحادثات مع موسكو، معتبرا أن إبقاء كييف بعيدة عن الحوار المباشر يخدم هدف استنزاف روسيا وتوريط الولايات المتحدة في نزاع أوسع.

تكتيك روسي مُتقن

ورأى الأستاذ في العلوم السياسية بجامعة موسكو، أن واشنطن تدرك صعوبة تحقيق نصر حاسم على روسيا، مشيرا إلى أن الجيش الروسي يواصل عملياته بتكتيك متقن والقوات الأوكرانية تكبدت هزائم متتالية.

ويرى أن الضربات الروسية المعلنة تشكل رسائل رادعة موجهة للغرب مفادها أن استمرار تزويد أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى سيؤدي إلى تدمير بنيتها التحتية الحيوية وإعاقتها بشكل بالغ.

وأشار بوش، إلى أن روسيا لم تستهدف حتى الآن الجسور الرئيسة أو مصانع كبرى أو خطوط السكك الحديدية على نطاق واسع، ما يعني أنها لم تضع بعد «خطوطاً حمراء نهائية».

وحذر من أن الموقف الغربي «قد يتغير جذريا إذا قررت دولتان أو ثلاث إرسال صواريخ طويلة المدى»؛ لأن ذلك سيقود – بحسب قوله – إلى «تصعيد خطير».

وقال إن التحركات الغربية تميل نحو الاستفزاز أكثر من السعي إلى الحل، مؤكدا أن الضغوط الأوروبية أثرت على ردود الفعل الأمريكية، وأن مصالح شركات السلاح واللوبيات المعادية لروسيا في واشنطن تسهم في إطالة أمد الحرب وتعقيد أي مساعٍ لحوار روسي - أمريكي ناجح.

أخبار ذات علاقة

قصف روسي على أوكرانيا

زيلينسكي: روسيا هاجمت قطاع الطاقة بـ450 مسيرة و30 صاروخا (فيديو)

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC