logo
العالم

بعد احتدام معارك دونباس.. أين تتجه القوات الروسية في سبتمبر "العنيف"؟

أفراد من الجيش الروسي في أوكرانياالمصدر: رويترز

تبدو الجبهات الأوكرانية عالقة في سبتمبر/ أيلول الجاري، بين تقدم روسي غير مسبوق، وردود أوكرانية تحاول ضرب العمق دون تغيير قواعد اللعبة.

ولم تعد معارك "دونباس" مجرد جبهة من جبهات الحرب الروسية الأوكرانية، بل تحولت إلى مختبر دموي يعيد رسم موازين القوة.

أحدث التقارير الميدانية تظهر أن القوات الروسية سيطرت على قريتين شمال غرب فيليكا نوفوسيلكا، لترفع المساحة المستولى عليها منذ مايو إلى 1,910 كيلومترات مربعة.

وفقًا للمراقبين، يبدو التقدم الروسي محدودًا على الخريطة، إلا أنه يكشف تحولًا استراتيجيًا، خاصة أن موسكو لم تعد تستعجل الانتصار الخاطف، بل تراهن على التآكل البطيء لقدرات كييف.

في ليلة 6-7 سبتمبر، شهدت كييف أكبر هجوم جوي روسي على الإطلاق، مستخدمةً 810 طائرات مسيرة و13 صاروخًا باليستيًا وكروز. 

ورغم أن الدفاعات الأوكرانية أسقطت معظمها، فإن 54 مسيرة و9 صواريخ أصابت أهدافًا في العمق، وأسفرت عن سقوط 4 قتلى و44 مصابًا. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

أرض الفحم والدم.. لماذا تتمسك روسيا بإقليم دونباس؟ (فيديو إرم)

وفي ليلة 9-10 سبتمبر، اخترقت 19 طائرة مسيرة روسية المجال الجوي البولندي من اتجاه بيلاروسيا، ما استدعى تدخل وارسو وإسقاط بعضها، وهو ما كشف عن هشاشة الحدود الشرقية لحلف "الناتو"، ورفعت منسوب التوتر بين موسكو والغرب.

مبادرة عسكرية 

ويرى خبراء أن التطورات الميدانية الأخيرة تشير إلى أن المبادرة العسكرية أصبحت بيد موسكو، وباتت القوات الأوكرانية في موقف دفاعي منذ نحو عام. 

وأكد الخبراء أن هذا الواقع يترجم عمليًا في التقدم الروسي المتدرج والمتوازن داخل بعض الجبهات، مع اعتماد استراتيجية جديدة تقوم على إنهاك القدرات البشرية للجيش الأوكراني بدلًا من التركيز على استنزاف معداته العسكرية.

وأضافوا أن هذا النهج يعكس إدراك موسكو لضعف الاحتياط البشري لدى كييف، ما يدفعها لتكثيف القصف على مواقع تضم تجمعات للجنود بهدف تفريغ الجبهات من المقاتلين. 

وأوضحوأ أن استمرار هذه السياسة قد يؤدي إلى انهيارات وشيكة في بعض خطوط الدفاع الأوكرانية، ما لم يتم التوصل إلى تفاهمات سياسية بين الأطراف، خصوصًا مع بقاء جذور الأزمة في شرق أوكرانيا وطموحات كييف للانضمام إلى حلف "الناتو".

أخبار ذات علاقة

عسكري أوكراني يطلقط ائرة مسيرة

221 مسيّرة تشعل سماء موسكو.. روسيا تتصدى لهجوم أوكراني عنيف

 
سيناريو مرجح

في البداية، قال ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، إن السيناريو المرجح في المرحلة المقبلة يتمثل في توسع المعارك، خاصة إذا لم يتم التوصل إلى تفاهم سياسي بين الأطراف، وعلى وجه الخصوص بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأكد بريجع لـ"إرم نيوز"، أن السياسة لا تعرف الثبات، وهي في تغير مستمر، وبالتالي فإن احتمال التصعيد يبقى واردًا بقوة في حال غياب التفاهمات. 

وأشار إلى أن التصعيد قد يشمل مناطق جديدة مثل أوديسا وخاركيف، خاصة أن هناك تقارير تحدثت عن محاولات روسية لاستهداف مناطق في شرق بولندا، وهو ما يشكل سيناريو خطيرًا؛ لأن استهداف دول أوروبية قد يدفع حلف شمال الأطلسي «الناتو» إلى التدخل بشكل مباشر في النزاع.

واعتبر أن المعركة الحالية هي معركة مفصلية ومهمة للغاية، لكن مجرياتها قد تتغير في أي لحظة إذا تم التوصل إلى لقاء سياسي مؤثر، مثل لقاء بين ترامب وبوتين وزيلينسكي.

وشدد على أن العوامل الأساسية التي تسببت في اندلاع الحرب لا تزال قائمة، ولم تحل حتى الآن، وعلى رأسها أزمة شرق أوكرانيا، وطبيعة النظام السياسي في البلاد وتمسك أوكرانيا بالانضمام لحلف الناتو.

وأكد بريجع أن أي تحول حقيقي في مسار الحرب لن يتحقق ما لم تُعالج هذه القضايا الجوهرية، بغض النظر عن اللقاءات السياسية أو المبادرات المؤقتة.

أخبار ذات علاقة

عملة روسية

بعد 40 شهراً.. لماذا "لا تتألم" روسيا من العقوبات الاقتصادية الغربية؟

 
معارك دونباس

من جانبه، قال د. محمود الأفندي، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن المعارك الدائرة في دونباس تُظهر بوضوح أن المبادرة العسكرية أصبحت بيد روسيا.

وأشار الأفندي إلى أن أوكرانيا باتت في موقف دفاعي منذ ما يقارب العام، في حين أن روسيا مستمرة في الهجوم.

وأكد لـ"إرم نيوز" أن هذا الواقع يعطي انطباعًا واضحًا بأن الجيش الذي يكون دومًا في موقف دفاعي لا يستطيع التقدم، وهذا يُترجم ميدانيًا بتقدم روسي يومي في بعض المناطق، ولو كان ذلك بمسافات محدودة، إلا أنه يتم بشكل متواصل ومتوازن.

وأشار إلى أن الحرب الجارية حاليًا في دونباس تهدف - من وجهة نظره - إلى استنزاف الجيش الأوكراني بشريًا أكثر من كونه استنزافًا عسكريًا، حيث تشعر روسيا بأن الاحتياط البشري في الجيش الأوكراني بات ضعيفًا للغاية، وأن القوات الأوكرانية تفتقر إلى التدريب الكافي.

وأضاف المحلل السياسي، هذا يعني أن الاحتياطي البشري في الجيش الأوكراني أصبح محدودًا جدًا، ولهذا السبب، تسعى روسيا إلى زيادة الضغط عبر تكثيف القصف على المواقع التي تضم عددًا كبيرًا من الجنود، وليس فقط المعدات".

وأكد أن الصواريخ الروسية تستهدف بشكل رئيس المواقع العسكرية التي تحتوي على عناصر بشرية، معتبرًا أن الاستراتيجية الروسية الحالية تركز على القضاء على العنصر البشري في الجيش الأوكراني، بهدف إضعاف الجبهات وسقوطها تدريجيًا.

أخبار ذات علاقة

معارك الحسم في دونيتسك.. أوكرانيا تستعيد المبادرة وروسيا تحشد

معارك الحسم في دونيتسك.. أوكرانيا تستعيد المبادرة وروسيا تحشد (تحليل عسكري)

نقص الجنود الأوكرانيين

وأضاف أن روسيا من خلال هذه الاستراتيجية، تأمل في أن يؤدي نقص الجنود الأوكرانيين إلى خلق ثغرات في الجبهات، ما يسهل عليها الاختراق والتقدم دون تكبد خسائر كبيرة.

وتابع الأفندي أن روسيا، التي كانت سابقًا تعتمد سياسة استنزاف الأسلحة، أصبحت الآن تعتمد سياسة استنزاف الموارد البشرية الأوكرانية، موضحًا أن تقارير غربية أيضًا تؤكد وجود نقص كبير في عدد جنود الاحتياط لدى أوكرانيا.

وكشف أن "هذا هو أحد الأسباب الرئيسة لرفض روسيا وقف إطلاق النار، إذ إنها تعتمد على معلومات تشير إلى انخفاض حاد في عدد الجنود الأوكرانيين المدربين وحتى غير المدربين".

وذكر أن متوسط بقاء الجندي الأوكراني على الجبهة لا يتجاوز 24 ساعة فقط، بسبب الخسائر البشرية الكبيرة التي تتكبدها أوكرانيا يوميًا، مشيرًا إلى أن روسيا تعلن عن مقتل ما بين 1500 إلى 2000 جندي أوكراني بشكل يومي، وهو رقم وصفه بـ"الضخم جدًا".

وأوضح الخبير في الشؤون الروسية، أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي خلال أسابيع أو أشهر قليلة، إلى انهيار شامل في بعض جبهات الجيش الأوكراني.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC