تشهد أرمينيا تصاعدًا حادًا في التوتر بين الحكومة والكنيسة، بعد أن أعلنت السلطات إحباط محاولة انقلاب قالت إن رجال دين معارضين كانوا وراء التخطيط لها.
ورأى تقرير لصحيفة "لو موند" الفرنسية، أن هذه التطورات تأتي وسط مساعٍ واضحة من الحكومة لتعزيز علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، على حساب الابتعاد عن الحليف التقليدي موسكو، في تحوّل استراتيجي يثير قلق الكرملين.
وتأتي هذه التطورات مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في أرمينيا خلال الشهر الجاري.
وكان رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان أعلن، الأربعاء، أن الأجهزة الأمنية أحبطت محاولة انقلاب كانت تستهدف زعزعة استقرار الدولة والاستيلاء على السلطة.
وقال باشينيان، في منشور عبر تطبيق "تليغرام"، إن قوات إنفاذ القانون أحبطت "خطة إجرامية واسعة النطاق لتقويض جمهورية أرمينيا والاستيلاء على الحكم" من قبل ما وصفه بـ"الإكليروس الأوليغارشي الإجرامي"، في إشارة إلى السلطة الدينية في البلاد.
وفتحت السلطات تحقيقات جنائية ضد 16 مشتبهاً، فقد أوقفت 14 منهم، من بينهم رجل دين بارز هو رئيس أساقفة الكنيسة الرسولية، المطران باغرات غالستانيان، أحد قيادات الكنيسة الرسولية الأرمينية.
وذكرت "لو موند" أن غالستانيان كان قد بدأ في التخطيط للانقلاب منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وجنّد أكثر من ألف شخص لتنفيذ العملية، حسب ما أعلنته لجنة التحقيق الأرمينية.
وأشارت إلى أن قوات الأمن نفذت مداهمات في منازل المطران وعدد من معاونيه، إذ صادرت أسلحة وذخائر وخططاً تفصيلية، إلى جانب قوائم بأسماء المرشحين لتولي مناصب تنفيذية بعد "الاستيلاء القسري على الحكم".
من جانبه، نفى محامي غالستانيان التهم الموجهة لموكله، واعتبرها "اضطهاداً سياسيا".
وكان غالستانيان قد تصدّر مشهد الاحتجاجات المعارضة لباشينيان في ربيع 2024، بعد اتهام الأخير بالتنازل عن أراضٍ لأذربيجان في إطار اتفاق ترسيم الحدود بين البلدين.
وقد حظي هذا الحراك بدعم سياسي من رئيسي الجمهورية السابقين سيرج سركيسيان وروبرت كوتشاريان، المعروفين بعلاقاتهما الوثيقة مع موسكو.
كما أفادت لوموند بأن وثيقة مسربة من موقع موال للحكومة كشفت عن خطة الانقلاب المزعومة، التي تضمنت أسماء شخصيات بارزة متهمة بالمشاركة في "المؤامرة"، من بينها رجل الأعمال الروسي-الأرميني سامفيل كارابيتيان، ورجل الأعمال غاغيك تساروكيان، بالإضافة إلى خطط لعزل باشينيان كنسياً وتنظيم التحرك الانقلابي في 21 سبتمبر أيلول، وهو يوم استقلال أرمينيا.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أُوقف كارابيتيان في العاصمة يريفان، ما أثار اهتمام موسكو، فقد أعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن بلاده "تتابع الملف من كثب" بالنظر إلى جنسيته الروسية، مضيفاً أن روسيا تأمل أن تظل أرمينيا "مستقرة ومزدهرة".