قبل يوم واحد من 10 سبتمبر أيلول تستعد فرنسا لتعبئة واسعة متوقعة تحت شعار "لنغلق كل شيء"، في وقت تحذر فيه أجهزة الاستخبارات من احتمال وقوع اضطرابات قد يشارك فيها ما يصل إلى 100 ألف متظاهر.
وبينما لا يتوقع الخبراء "تسونامي" احتجاجات في "يوم الغضب الفرنسي"، فإن تنوع المشاركين وخطورة الأهداف المحتملة يضعان الحكومة في مواجهة تحدٍ أمني وسياسي بالغ الحساسية، خاصة بعد سقوط حكومة فرانسوا بايرو في البرلمان.
وكشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية، في تقرير اليوم الثلاثاء، عن تحذيرات أجهزة الاستخبارات الفرنسية، التي تقدر أن حجم المشاركة في يوم التعبئة الذي دعت إليه حركة "لنغلق كل شيء" قد يصل إلى نحو 100 ألف شخص.
ومع ذلك فإن الأرقام تظل غير مؤكدة وتعتمد على الاجتماعات التحضيرية التي جرت طوال الصيف، وخصوصًا في الأسبوعين الأخيرين.
ولدت حركة "لنغلق كل شيء" في بدايتها بطابع غير سياسي، لكن أجهزة الاستخبارات الفرنسية تؤكد اليوم أنها باتت تحت سيطرة قوى اليسار المتطرف، وفقاً للصحيفة الفرنسية.
ودخلت الأحزاب اليسارية بقوة، مثل فرنسا الأبية والحزب الجديد المناهض للرأسمالية على خط التنظيم، إلى جانب نشطاء نقابيين من CGT وSolidaires، وحركات بيئية مثل تمرد ضد الانقراض وانتفاضات الأرض، إضافة إلى ناشطين مؤيدين لفلسطين.
وتشير التقارير إلى أن التعبئة ستكون الأكبر في معاقل اليسار مثل مدن نانت، ورين، وتولوز، وليون، وبوردو.
وأشارت "لوموند" إلى أن نوعية التحركات المقررة تتراوح بين التظاهرات التقليدية وعمليات "حواجز مجانية" على الطرق السريعة، إلى جانب إغلاق الميادين، وتعطيل المراكز التجارية ووسائل النقل، أو حتى استهداف المصافي ومستودعات الوقود. كما حذرت الاستخبارات من احتمال تخريب أجهزة الصرف الآلي.
وأكد مصدر بوزارة الداخلية: "كل شيء سيتقرر صباح اليوم نفسه عبر قنوات تلغرام. سيكون مزيجًا من مشاهد مألوفة ومفاجآت غير متوقعة، لكننا لا نتوقع طوفانًا بشريًا".
ويعول المنظمون على مشاركة واسعة من طلاب الجامعات والثانويات لإضفاء زخم على الحراك. وتخشى السلطات من أن يؤدي اندفاع الشباب إلى زيادة الطابع الفوضوي للتحركات، لا سيما مع احتمال استهداف رموز السلطة والاقتصاد.
وتكشف المطالب المطروحة عن جزء صغير جداً من حجم الغضب الشعبي، من الدعوة إلى استقالة الرئيس إيمانويل ماكرون، مرورًا بمطالب محلية مثل إزالة حاجز رسوم الدخول إلى موقف مستشفى بوردو، وصولًا إلى قضايا أوسع تتعلق بارتفاع تكاليف المعيشة وتدهور القدرة الشرائية.
ولا ينظر المنظمون إلى يوم 10 سبتمبر على أنه محطة وحيدة، بل يخططون لتمديد الحراك حتى يوم 18 سبتمبر، حيث دعت النقابات إلى إضراب وطني شامل.
وتشير الاستخبارات إلى أن من بين السيناريوهات المطروحة محاولة السيطرة على أماكن عامة ذات رمزية عالية، على غرار ما حدث في ساحة الجمهورية بباريس خلال حركة ليلة وقوف العام 2016.
وتدخل فرنسا مجددًا مرحلة من الغليان الاجتماعي والسياسي. وبينما يُنتظر أن تكون التعبئة واسعة، فإن غياب وحدة المطالب وتعدد الفاعلين قد يجعل من "لنغلق كل شيء" حراكًا صاخبًا لكنه مشتت، يضع الحكومة تحت ضغط متزايد، ويكشف هشاشة التوازن بين الشارع والدولة.