استبعد علماء وخبراء إسرائيليون، متخصصون في الزلازل والجيولوجيا والهندسة والطبقات الأرضية، ربط بعض المراقبين بين الزلازل التي تشهدها إيران بين الحين والآخر، والحديث الدائر حول التجارب النووية الإيرانية لتسريع تخصيب اليورانيوم وإنتاج قنبلة نووية، بعد تحليل عدة وقائع.
وأجمع الخبراء، في تحقيق مطول لصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، على أنه لا يمكن تشبيه التجربة النووية الإيرانية بتجربة كوريا الشمالية.
وأكدوا أنه يوجد سجل مُعلن يشير إلى إجراء إيران تجارب نووية، على عكس كوريا الشمالية التي لم تُخفِ ذلك.
وكانت إيران أعلنت، يوم الجمعة الماضي، خلال الحرب الإيرانية الإسرائيلية، عن وقوع زلزال بقوة 5.2 درجة على مقياس ريختر بالقرب من مدينة سمنان، شعر به سكان طهران ومحافظة قم، حيث تقع منشأة فوردو النووية.
وربط مراقبون بين هذا الزلزال وهجمات القوات الجوية الإسرائيلية في أنحاء إيران.
وردا على ذلك أكد الخبراء الإسرائيليون أنه لا علاقة لهذه الزلازل بالغارات الإسرائيلية القوية ولا بالتجارب النووية الإيرانية التي يدور الحديث عنها.
ووفق الرواية الإسرائيلية، فإن التجارب النووية السرية التي تُجريها إيران تُسمى اختبارات باردة أو اختبارات ساخنة، حسب الحالة، وهذا يعنى أنها لا تتضمن انفجارا ذريا كاملا.
وأوضح الخبراء أن هذه تجارب تحاكي أجزاء من تشغيل سلاح نووي، ولكن دون استخدام مواد انشطارية من اليورانيوم المُخصَّب أو البلوتونيوم، ومن ثم لا تُؤدي إلى انفجار نووي حقيقي ولا تُسبِّب زلازل ذات قوة كبيرة.
وعندما سئل الخبراء الإسرائيليون عن الزلزال الأخير الذي ضرب إيران خلال الحرب، وما إذا كان زلزالا حقيقيا أم نوعا من التجارب النووية؟ ردوا بأنه زلزال طبيعي؛ لأن تجربة نووية بهذا الحجم ستكون من أكبر التجارب النووية التي أُجريت في العالم على الإطلاق.
إضافةً إلى ذلك، قامت وكالات رصد الزلازل المختلفة حول العالم بتحليل الحدث وتصنيفه كزلزال دون أدنى شك، كما يوضح الدكتور إسحاق ليور، خبير معهد علوم الأرض بالجامعة العبرية.
وبحسب تحليل د. دانيال فالحان، من قسم الهندسة المدنية بجامعة مستوطنة أرييل، فقد استبعد إمكانية أن يكون الإيرانيون قد تمكنوا من الحفر لعمق يزيد عن كيلومتر واحد؛ لأن صخور حزام زاغروس صلبة للغاية، وهي مشابهة أيضا لصخور سلسلة الجبال الموجودة في إسرائيل.
وأكد أن الحفر لأعماق كبيرة في هذه الصخور، يشكل تحديا هندسيا كبيرا، وأنه لا صلة بين التجارب النووية، إن أُجريت، والنشاط التكتوني في إيران.
ومع ذلك أكد فالحان أنه من الممكن أن يكون هذا هو المكان المناسب لإخفاء التجارب النووية، إلا أن البصمة الزلزالية لهذه التجارب ستكون مختلفة تماما عن بصمة الزلازل الطبيعية بسبب الترددات الناتجة عن الزلزال.
وأشار الخبير الإسرائيلي إلى أن الأرض تخضع لمراقبة مستمرة من قِبل العديد من الدول ومجموعات البحث المستقلة باستخدام مئات محطات رصد الزلازل، مستبعدا إمكانية إخفاء انفجار نووي.
ومن ناحية أخرى، قال إن قصف القوات الجوية لا علاقة له بالزلازل في إيران، لأن انفجارات القصف تخدش السطح نسبيًا، بينما يقع مركز الزلازل عادةً على عمق حوالي 10 كيلومترات.
وكما يؤكد الخبراء الإسرائيليون، تحدث آلاف الزلازل منخفضة الشدة، أقل من 3 درجات على مقياس ريختر، في إيران سنويا، لكن معظمها لا يشعر به الإنسان، ولا ترصدها إلا أجهزة رصد الزلازل.
كما تقع سنويا عشرات إلى مئات الزلازل متوسطة الشدة، أي أكثر من 3 درجات على مقياس ريختر، وبعضها يشعر به السكان بشكل واضح.
وتشهد إيران أيضا عددا من الزلازل القوية، التي تزيد قوتها على 5-6 درجات، وتكون مدمرة للغاية، وغالبا ما تُسفر عن خسائر بشرية ومادية.
وتشير التقارير الصادرة في السنوات الأخيرة إلى وقوع عدة زلازل بقوة 5 درجات أو أكثر سنويا في مناطق مختلفة من إيران.
ووفق إفادة الخبراء الإسرائيليين ليديعوت أحرونوت، تقع إيران في منطقة زلزالية نشطة للغاية، على حزام الإلبيديان، نقطة التقاء الصفيحتين التكتونيتين العربية والأوراسية.
ويُحدث الاصطدام المستمر بين الصفيحتين ضغوطًا هائلة في قشرة الأرض، غالبا ما تُطلق في شكل زلازل قوية. وقد لقي عشرات الآلاف من الأشخاص حتفهم جراء الزلازل القوية في العقود الأخيرة.
ويمتد الحزام الإلبيدي، حسب توضيح الجيولوجية الإسرائيلية بيفرلي جودمان بجامعة حيفا، من المحيط الأطلسي، مارا بجبال الألب وزاغروس والهيمالايا، وصولًا إلى جزيرتي جاوة وسومطرة على ساحل المحيط الهندي.
وهذه ثاني أكثر المناطق نشاطا زلزاليا في العالم، بعد حلقة النار في المحيط الهادئ. والسبب الرئيس لكثرة اهتزازات الأرض في إيران هو موقعها الجيولوجي عند ملتقى عدة صفائح تكتونية كبيرة.
في المقابل، يقول الخبراء الإسرائيليون إن هناك موجات زلزالية تحدثها تجارب نووية جوفية، وتعتمد قوة هذه الموجات على قوة القنبلة. وقد تسببت دولٌ مثل كوريا الشمالية، التي أجرت مثل هذه التجارب، في زلازل محلية شعرت بها واكتشفتها معاهد الزلازل حول العالم.
وكما أشار تقرير يديعوت أحرونوت، أحدثت تجربة كوريا الشمالية النووية دبراك، التي أُجريت عام 2017 في كوريا الشمالية، وقُدِّرَ احتواؤها على 140 كيلو طن من مادة تي إن تي، هزة زلزالية كبيرة بقوة 6.3 درجة على مقياس ريختر، وإزاحة أرضية بعشرات السنتيمترات.
ومع ذلك، اقتصرت سلسلة الهزات الارتدادية على نطاق لم يتجاوز 25 كيلومترا من مركز الانفجار"، بحسب د. يوفال روفيني، من قسم الفيزياء بجامعة أرييل.
هذه الهزات الأرضية تعرف بالزلازل المحفزة، وليست زلازل طبيعية، بل هي زلازل ناجمة عن نشاط بشري يؤثر على حالة الضغط في قشرة الأرض.
ويستطيع الجيولوجيون وعلماء الزلازل التمييز بين الزلزال الطبيعي الناتج عن حركة الصفائح والانفجار النووي أو غير النووي تحت الأرض بناءً على خصائص الموجات الزلزالية التي تُنتجها، حتى لو سُجلت على بُعد مئات الكيلومترات من مصدر انبعاث الطاقة، وفق تقدير الخبراء الإسرائيليين ليديعوت أحرونوت.