اعتبرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن الرئيس دونالد ترامب، يتعامل مع قضية الإغلاق الحكومي بأسلوب رجل الأعمال الباحث عن اقتناص صفقة، متسائلة عن احتمال استخدامه الأموال الفدرالية كـ"سلاح" لخدمة أهدافه.
ووفق التقرير اتسمت مواقف ترامب من الإغلاق بالتناقض، فأحياناً يرى أن الإغلاق فرصة لتقليص أعداد عمال الحكومة الفيدالية، وفي مرات أخرى يحث على الاستفادة من الأزمة لتسريح آلاف العمال، بل وذهب أبعد من ذلك مؤكداً أن الموظفين لن يحصلوا على رواتبهم بأثر رجعي عندما ينتهي الإغلاق كما جرت العادة.
وكشف تقرير "سي إن إن"، أن تصرفات ترامب، تكشف أنه يعتبر الأموال العامة المُرسلة إلى واشنطن من قِبَل دافعي الضرائب والولايات بمثابة صندوق شخصي سري يُنفقه كما يراه مناسبًا.
واستدل التقرير على ذلك بتحذير الرئيس أمس الثلاثاء، من أن بعض العمال المُسرّحين قد لا يحصلون، كما جرت العادة، على رواتبهم المستحقة عند انتهاء الإغلاق الحكومي.
وأكدت الشبكة، أن ترامب لا يتردد في الإنفاق بإسراف على القضايا التي تهمه، وتخدمه، ولكن عندما يحين موعد سداد فاتورة أشياء يكرهها، أو مشاريع تهمّ خصومه السياسيين، يُمكن أن يكون ترامب بخيلاً للغاية، وفق تعبير "سي إن إن".
في محاولة لمعاقبة الديمقراطيين على عدم تصويتهم على مشروع قانون قصير الأجل لإبقاء الحكومة مفتوحة، هددت الإدارة بحجب 18 مليار دولار من الأموال الفيدرالية التي مُنحت سابقًا لمدينة نيويورك لمشروعين ضخمين للبنية التحتية، هما توسعة مترو الجادة الثانية وأنفاق سكك حديدية جديدة على نهر هدسون.
وتقول "سي إن إن" إنه ليس من قبيل المصادفة أن يمثل نيويورك أكبر عضوين ديمقراطيين في الكونغرس، زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر. كما جمّد البيت الأبيض ما يقرب من 8 مليارات دولار لمشاريع المناخ في 16 ولاية، 14 منها جميعها يحكمها الديمقراطيون.
ووفق الشبكة، يرى ترامب أن الأموال الفيدرالية سلاح في معركة الإغلاق الحكومي، فقد هدد الديمقراطيين الأسبوع الماضي، بمزيد من التسريح للموظفين الفيدراليين. وأمس أثار ترامب إمكانية اختياره العمال الذين سيحصلون على رواتبهم المتأخرة في محاولة أخرى للضغط على الديمقراطيين للتصويت لإعادة فتح الحكومة.
وقال الرئيس للصحفيين رداً على سؤال حول مذكرة أوردتها أكسيوس لأول مرة، والتي أشارت إلى عدم وجوب دفع رواتب للعمال المُسرّحين مؤقتاً: "أعتقد أن الأمر يعتمد على من نتحدث عنه". وحذّر من "بعض الأشخاص الذين لا يستحقون الرعاية".
وفي نهاية الأسبوع، تعهد الرئيس بأن فئة واحدة من الموظفين الفيدراليين لن تعاني من نقص في الرواتب، وهم أفراد الحماية، قائلاً في فعالية في فرجينيا للاحتفال بالذكرى السنوية الـ 250 لتأسيس البحرية: "سنوفر لأفراد خدمتنا كل قرش". "لا تقلق بشأن ذلك، كل شيء قادم"، وفق قوله.
وأقرت إدارة ترامب أنها ستقوم بتسريحات جماعية، تطالب من لا تتوافق مهامهم مع أولويات ترامب الشخصية. وقالت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، للصحفيين: "ننظر في الوكالات التي لا تتوافق مع قيم الرئيس، والتي نعتقد أنها تُبذر أموال دافعي الضرائب".
حتى الآن، لم تتحقق تهديدات البيت الأبيض بتسريح الموظفين لمعاقبة الديمقراطيين على الإغلاق الحكومي، وليس واضحًا مدى جدية المحسوبية في دفع إجازات الموظفين، ويؤكد التقرير أن الجدول الزمني لهذه الخطوة قد مُدد وسط مخاوف من أن تأتي بنتائج عكسية وتُضعف موقف ترامب في مواجهة لم تُحقق حتى الآن النصر السياسي السريع الذي توقعه على ما يبدو.
الوضع الذي يجد فيه ترامب نفسه الآن، تكرر مع رؤساء سابقين، فلطالما استخدم الرؤساء وقادة الكونغرس ضغط السخاء الفيدرالي والإنفاق غير المشروع للتأثير على الأصوات الناقدة. ومع ذلك، فإن هذه الممارسات والخلافات لا تُقارن بتصرفات ترامب الصارخة في مجال التمويل، وفق "سي إن إن"
وتؤكد الشبكة، أن محاولات ترامب لاستعادة التمويل من الكونغرس بما يتماشى مع أولوياته لم تكلل بالنجاح دائمًا، بل واجه بعض الانتكاسات في المحاكم، وفي بعض الأحيان، نجح ضغط الكونغرس؛ كما حدث مع قضية إنفاق التعليم، الذي بلغ نحو 7 مليارات دولار، والذي أفرجت عنه الإدارة في يوليو/تموز.
وخلُص التقرير، إلى القول إن الرئيس ترامب الذي ينظر إلى الحياة على أنها معادلة ربح وخسارة، لا يتوقع أن يتوقف عن استخدام الأموال التي لا يحق له الحصول عليها لتحقيق أهدافه السياسية.