أكد ساسةٌ فنزويلون وخبراء في العلاقات الدولية، أن تصرفات واشنطن ضد كراكاس، تكشف وجهها الحقيقي، في ظل رفع شعار أن النفط الفنزويلي "أمريكي"، موضحين أن مع تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المشهد بالبحر الكاريبي، لا يمكن أن يعم السلام، وسيكون هناك تطورات عسكرية منتظرة؛ ما يفضح سياسات الولايات المتحدة "المالية" بالعالم.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن تهديد ترامب لفنزويلا، يمكن فهمه ضمن السعي نحو الهيمنة الإقليمية وضمان أمن مصادر الطاقة الحيوية في منطقة تعتبر تقليديًّا ضمن نطاق الحديقة الخلفية للولايات المتحدة.
وأشاروا إلى أن أي تحرك أمريكي ضد فنزويلا سواء كان عسكريًّا بالحرب أو غير ذلك، يهدف إلى التحكم في موازين القوى الإقليمية ومنع توسع نفوذ دول منافسة في هذه المنطقة من بينها روسيا والصين.
يأتي ذلك في الوقت الذي نقلت فيه صحيفة واشنطن بوست عن مصدر مقرب من الرئيس الأمريكي، أنه إذا لم يقتنع رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو بالرحيل سيتم تغييره بالقوة، موضحًا أن الخيارات أمام ترامب بشأن فنزويلا لا تضيق وهو يحتفظ بجميع الاحتمالات.
ويؤكد عضو لجنة الدفاع والأمن بالبرلمان الفنزويلي السابق، والمستشار السابق في مجلس الدفاع الوطني بوزارة الدفاع الفنزويلية، عادل الزغير، أن تصرفات واشنطن ضد كراكاس، يكشف وجهها حيث إن ما يقوم به ترامب يسرع بفضح العجز المالي الذي تعيشه بلاده عندما تفرض قيودًا وعقوبات وتجمد حسابات دول، ليصل به الأمر إلى القول إن نفط فنزويلا ملكٌ للولايات المتحدة.
وبحسب الزغير في تصريحات لـ"إرم نيوز"، فإن ما خرج من ترامب بأن النفط الفنزويلي "أمريكي"، يفضح الواقع المالي للولايات المتحدة والطمع في موارد كراكاس التي صمدت أمام العقوبات وحاولت أن تتماشى بشكل مرهق، ومع ذلك وصل الأمر إلى صدور تقارير تؤكد أن اقتصاد فنزويلا ينمو رغم كافة المضايقات التي تفرضها واشنطن.
واعتبر الزغير أن فنزويلا باتت نموذجًا يراه كل دول العالم، عندما وقفت وصمدت أمام السياسات الأمريكية، والأمر هنا لا يتعلق بالأشهر الأخيرة ولكن الحديث يكمن في عقوبات غربية تقودها الولايات المتحدة منذ 20 سنة وسط شعارات لا ينتج عنها سوى التوجهات الاستعمارية وليس التعامل ضمن أطر التجارة الحرة.
وتابع بالقول إن كلمة لا، من فنزويلا وصمودها، يضع ترامب في مأزق وعندما يدعي أن نفط كراكاس ملك للولايات المتحدة، يوضح هذا النهج القائم على النهب، في وقت يعتمد فيه النظام المالي الأمريكي بشكل أساسي على القوة العسكرية وليس النفوذ الاقتصادي العالمي، في ظل حاجتها لفرض الدولار على العالم وإظهار أنها قادرة على معاقبة كل ما يحاول الخروج عن النظام الدولي الذي تفرضه بقوة السلاح.
وخلص الزغير أن في ظل التهديد الأمريكي الدائم، لا يمكن أن يكون هناك سلام وسيكون هناك تطورات عسكرية منتظرة؛ ما يفضح سياسة الولايات المتحدة ويبين ضعف النظام المالي الذي تفرضه منذ الحرب العالمية الثانية على العالم.
ويقول أستاذ العلاقات الدولية والباحث المتخصص في الشأن اللاتيني، محمد عطيف، إن التصعيد الأمريكي على كراكاس، يجسد تفاعلًا بارزًا بين الاعتبارات اللوجستية والإستراتيجية والموارد الطبيعية في العلاقات الدولية، في ظل امتلاك فنزويلا أكبر احتياطي نفط في العالم، وتقع في ساحة إستراتيجية حساسة في أمريكا الجنوبية؛ ما يجعلها نقطة محورية في صراع النفوذ بين القوى الكبرى.
وأضاف عطيف في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن تهديد ترامب لفنزويلا، يمكن فهمه ضمن السعي نحو الهيمنة الإقليمية وضمان أمن مصادر الطاقة الحيوية في منطقة تعتبر تقليديًّا ضمن نطاق الحديقة الخلفية للولايات المتحدة.
واستكمل عطيف أن يمكن قراءة هذا التوتر، بأن أي تحرك ضد فنزويلا سواء كان عسكريًّا بالحرب أو غير ذلك، يهدف إلى التحكم في موازين القوى الإقليمية ومنع توسع نفوذ دول منافسة في هذه المنطقة من بينها روسيا والصين.
واستطرد قائلًا أن هذه الديناميات تبين أن هناك صراع نفوذ متعدد المستويات حيث تتدخل المصالح الاقتصادية والسياسية لتحديد التوجهات الدولية في هذه المنطقة.
وأشار عطيف إلى أن محاولة فرض الولايات المتحدة، الضغوط على فنزويلا، يخلق السيناريوهات التي من الممكن أن تعيد ترتيب تحالفات الدول المحايدة أو الحليفة، وقد تعزز التعاون مع كراكاس كرد فعل ضد النفوذ الأمريكي بينما تستفيد دول أخرى من ضعفها النسبي، لتعزيز مصالحها الخاصة؛ ما يعكس كيفية عمل العلاقات الدولية والجيوستراتيجية على مستوى التوازن الإقليمي بين الهيمنة والاعتماد المتبادل في هذه الدائرة اللاتينية.
ولفت عطيف إلى أن الحالة الفنزويلية تبين كيفية أن تكون الموارد أدواتٍ للضغط وتداخلًا للاعتبارات الاقتصادية مع الأمن القومي؛ ما يوضح أن أي تحرك أمريكي تجاه كراكاس، لا يفهم خارج السياق الجيوستراتيجي والذي يشمل صراعات النفوذ بين القوى الكبرى والتحكم في الممرات والمصادر الحيوية.