كشفت تقارير حديثة أن بريطانيا تضع خططًا لإعادة تشكيل قوتها النووية من خلال مشروع "أستريا" (Astraea)، الذي يقضي ببناء سلاح نووي من الجيل التالي، يعتمد على المحاكاة الرقمية والهندسة المتقدمة بدلًا عن التجارب التفجيرية.
وبحسب التقارير، فإن "مشروع أستريا"، وهو رأس الحربة في برنامج الردع الجديد، يجسّد طموح لندن لبناء سلاح نووي من دون أن تُحدث أي تفجير أو اختبار، في ما يمثل تحولاً جذرياً في فلسفة الردع النووي الحديثة.
وبينما تصف وزارة الدفاع البريطانية المشروع بأنه "نقلة تكنولوجية تحافظ على السيادة النووية وتواكب التزامات معاهدة حظر التجارب، فإن مراقبين يرون أن "أستريا" ليس مجرد تحديث تقني، بل إعلان عن دخول بريطانيا سباق الردع الهادئ مع واشنطن وموسكو وبكين من بوابة الابتكار العلمي؛ فالسلاح الجديد -A21/Mk7- سيحل محل الرأس "هولبروك" على صواريخ "ترايدنت" التي تحملها غواصات "فانغارد" و"دريدنوت"، في إطار رؤية تمتد إلى منتصف الثلاثينيات.
وفي حين تبقى كلفة البرنامج الحقيقية طي السرية، فإن الوثائق الرسمية تشير إلى أنه جزء من استثمار بقيمة 15 مليار جنيه إسترليني ضمن "المراجعة الدفاعية الاستراتيجية 2025"، ويشمل تطوير منشآت المؤسسة الوطنية للأسلحة الذرية (AWE) التي أُمِّمت عام 2021، كما أن التعاون التقني مع الولايات المتحدة ما زال محورياً؛ إذ سيتشارك النظام البريطاني الجديد بعض المكونات غير النووية مع الرأس الأمريكي W93 في إطار اتفاقيات "التكامل النووي" بين الحليفين.
لكن اللافت أن الردع البريطاني القادم سيكون "صامتاً": من دون تفجيرات، ومن دون اختبارات ميدانية، بل عبر خوارزميات ومحاكيات كمّية تختبر استقرار المواد الانشطارية افتراضياً. ومع ذلك، يثير هذا النهج أسئلة حول مدى موثوقية سلاح لم يُختبر فعلياً، في وقت تتزايد فيه التوترات النووية عالمياً وتعود القاذفات الأمريكية إلى قواعد بريطانية مزودة بقنابل B61-12 الحديثة.
وبين "ردع من دون انفجار" وسباق تسلّح يعيد رسم توازنات القرن الـ21، تبدو بريطانيا مصمّمة على إثبات أن الردع النووي يمكن أن يولد من رحم الصمت العلمي، لا من دويّ التفجيرات.