صحة غزة: الهجمات الإسرائيلية في الساعات الـ24 الماضية قتلت 68 شخصا وأصابت 362 آخرين
يتوجه الموفد الأمريكي كيث كيلوغ إلى كييف غدا الاثنين، في زيارة هي الأطول من نوعها منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، وتستمر أسبوعًا كاملًا.
يأتي ذلك وسط تكهنات متزايدة حول تغيير محتمل في نهج واشنطن تجاه الصراع المستمر منذ أكثر من 3 سنوات.
وتأتي الزيارة في توقيت بالغ الحساسية، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استعداده لإرسال شحنات أسلحة جديدة إلى أوكرانيا، لكنه في الوقت ذاته عبّر عن إحباطه من تعنت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورفضه الانخراط في أي تسوية سياسية توقف نزيف الحرب.
وأكد خبراء، أن زيارة المبعوث الأمريكي إلى كييف، تعكس مراجعة استراتيجية داخل إدارة ترامب بشأن الحرب في أوكرانيا في ظل تغيرات واضحة في مواقف الرئيس الأمريكي.
وقال الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن واشنطن بدأت تعتمد نهجًا أكثر واقعية يقوم على تقليص الدعم المباشر لكييف مقابل تسليح غير هجومي يحقق مكاسب اقتصادية ويكبح روسيا دون الانخراط في مواجهة شاملة.
وأضافوا أن الزيارة الطويلة وغير المعتادة لكيلوج، وسط حديث عن حزم دفاعية أوروبية جديدة ومباحثات مع قيادات عسكرية أوكرانية، تشير إلى تحرك أمريكي لتهيئة المسرح السياسي والعسكري لمرحلة جديدة من الصراع.
ولفتوا إلى أن الزيارة قد تكون اختبارًا لمدى فعالية الشراكة مع كييف، خاصة بعد رفض ترامب لمقترح روسي جرى تداوله دبلوماسيا ما يعزز فرضية أن واشنطن بصدد إعادة ترتيب أوراقها قبل اتخاذ خطوات أكثر حسمًا.
وأكد توفيق حميدة، المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأمريكية، أن هناك تحولات ملموسة في السياسة الأمريكية تجاه الحرب في أوكرانيا، لافتاً إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتبنى مقاربة واقعية تعكس فهما براغماتيا لتوازنات الصراع.
وقال حميدة لـ"إرم نيوز"، إن سياسة ترامب منذ البداية قامت على الامتناع عن تقديم دعم شامل لكييف في محاولة لدفعها نحو القبول باتفاق لوقف إطلاق النار، لكن تعنت موسكو وتعقيدات المشهد خاصة المتعلقة بعوامل اقتصادية كالمعادن النادرة وتجارة السلاح، ساهمت في إعادة صياغة حسابات واشنطن.
وأشار إلى أن استمرار الصراع يخدم مصالح بعض الأطراف، خصوصاً تلك المرتبطة بالمجمع الصناعي العسكري الأمريكي، حيث توجد دوائر داخلية ترى في الحرب فرصة لإنعاش الاقتصاد من خلال صناعة الأسلحة وتصديرها إلى أوروبا.
ولفت إلى أن الدعم الأمريكي المستجد لن يكون ذا طبيعة هجومية، بل يندرج ضمن إطار "اللعبة التكتيكية" التي يتبعها ترامب للضغط على روسيا دون الانجرار إلى صدام مباشر، لا سيما بعد المكالمة الأخيرة التي أعرب فيها ترامب عن استيائه من بوتين.
وأضاف أن هذا الأسلوب يمكّن واشنطن من إرضاء حلفائها الغربيين دون تحمل كلفة المواجهة المباشرة، في وقت تحافظ فيه على خطوط اتصال مفتوحة مع موسكو.
واعتبر أن ترامب بخلاف سلفه جو بايدن يفضل التعامل مع ملف الأسلحة بشكل تجاري، حيث يسعى لتصديرها بدلاً من منحها كمساعدات مجانية، وهو ما يحقق مكاسب اقتصادية للولايات المتحدة ويضمن استمرار تدفق الأسلحة إلى أوكرانيا بطريقة غير مباشرة.
وفي السياق ذاته، رأى آصف ملحم، مدير مركز JSM للأبحاث والدراسات في موسكو، أن زيارة المبعوث الأمريكي كيث كيلوج إلى كييف لم تكن اعتيادية، خاصة وأنها استمرت أسبوعاً كاملاً، ما يعكس وجود مباحثات معقدة تتعلق بأبعاد متعددة في الصراع.
وأكد ملحم لـ"إرم نيوز"، أن هذه الزيارة ربما ترتبط بترتيبات دفاعية متقدمة، لا سيما بعد إعلان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده على وشك الحصول على حزم دعم عسكري جديدة من أوروبا، من بينها منظومات باتريوت ومنصات صاروخية متحركة، إضافة إلى تفعيل دعم المدفعية.
وأضاف أن التحركات الأوروبية والأمريكية تحمل إشارات سياسية واضحة تدل على تغير في مسار الحرب، وهو ما يظهر أيضاً في سياق التغييرات التي يعتزم زيلينسكي تنفيذها على مستوى التمثيل الدبلوماسي الأوكراني، خصوصاً في دول مجموعة السبع والدول الأوروبية المؤثرة، بهدف تعزيز صورة أوكرانيا دولياً.
وأشار إلى أن زيارة كيلوج تأتي في وقت حساس يسبق خطاباً مرتقباً للرئيس ترامب يرجح أن يكون محورياً في تحديد مسار المرحلة المقبلة.
وأكد أن اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بنظيره الروسي سيرغي لافروف في كوالالمبور شهد طرح مقترح روسي جديد، تم نقله لاحقاً إلى ترامب، لكن الرئيس الأمريكي رفضه بشكل قاطع ما يعكس تصلبا في الموقف الأمريكي.
وقال إن زيارة كيلوغ قد تكون الفرصة الأخيرة قبل الدخول في مرحلة تصعيد ميداني جديد، في ظل تصاعد المؤشرات على تراجع فرص الحل السياسي، وفق قراءته.
