توعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الأربعاء، نظيره الروسي فلاديمير بوتين بـ"عواقب وخيمة" إذا عرقل الأخير تحقيق السلام في أوكرانيا.
لكن ترامب قال أيضاً إن اجتماعاً مع بوتين قد يليه اجتماع ثان ويضم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وفق "رويترز".
ولم يحدد ترامب طبيعة تلك العواقب، لكنه حذر من عقوبات اقتصادية إذا لم يفض اجتماعه مع بوتين في ألاسكا، يوم الجمعة، إلى نتائج.
وقدّمت تصريحات ترامب والأجواء العامة بعد اجتماع عبر الإنترنت، مع زعماء أوروبيين وزيلينسكي، بعض الأمل لكييف، بعد مخاوف من أن قمة ألاسكا ستتخلى عن أوكرانيا وتقتطع أراضي منها لروسيا.
لكن روسيا ستقاوم على الأرجح وبقوة الرضوخ للمطالب الأوروبية والأوكرانية، وقالت إن موقفها لم يتغير منذ حدده بوتين في يونيو/حزيران 2024.
ولدى سؤاله عما إذا كانت روسيا ستواجه أي عواقب إذا رفض بوتين وقف الحرب بعد اجتماع يوم الجمعة، قال ترامب: "نعم.. ستفعل".
وفي معرض رده على سؤال عما إذا كانت تلك العواقب ستتمثل في عقوبات أم رسوم جمركية، اكتفى ترامب بالقول: "ستكون هناك عواقب وخيمة".
لكن الرئيس وصف أيضاً هدف الاجتماع مع بوتين في ألاسكا بأنه "تحضيري" لاجتماع متابعة سريع سيضم زيلينسكي.
وقال: "إذا سار (الاجتماع) الأول على نحو جيد سنعقد اجتماعا ثانيا قريبا... أود أن أفعل ذلك على الفور تقريبا وسنعقد اجتماعا ثانيا بين الرئيسين بوتين وزيلينسكي بحضوري إذا كانا يرغبان في مشاركتي فيه". ولم يحدد ترامب موعدا محددا للاجتماع الثاني.
والتقى الزعماء الأوروبيون وزيلينسكي مع ترامب في مكالمة هاتفية مشتركة لتحديد الخطوط الحمراء قبل اجتماع ألاسكا مساء يوم الجمعة.
وقال ترامب "أجرينا مكالمة جيدة جدا. كان مشاركا في الاتصال، الرئيس زيلينسكي شارك في المكالمة. سأقيمها بأنها تحصل على درجة 10 (من 10).. (كانت) ودية للغاية".
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن ترامب وافق على ضرورة إشراك أوكرانيا في أي مناقشات تتعلق بأي تنازل عن أراض، فيما قال زيلينسكي إن ترامب أيد فكرة الضمانات الأمنية في تسوية ما بعد الحرب.
وقال ماكرون "كان الرئيس ترامب واضحا جدا في أن الولايات المتحدة تريد التوصل إلى وقف لإطلاق النار خلال اجتماع ألاسكا".
وأضاف "النقطة الثانية التي كانت الأمور واضحة جدا بشأنها، على حد تعبير الرئيس ترامب، هي أن الأراضي التابعة لأوكرانيا لا يمكن التفاوض بشأنها ولن يتفاوض بشأنها إلا الرئيس الأوكراني".
ونادى المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الذي استضاف الاجتماع عبر الإنترنت، بضرورة استمرار تطبيق مبدأ عدم جواز تغيير الحدود بالقوة.
وأضاف "إذا لم يتمخض اجتماع ألاسكا عن أي تحرك من الجانب الروسي فسيكون على الولايات المتحدة، وعلينا نحن الأوروبيون... زيادة الضغوط".
وتابع قائلا "الرئيس ترامب على دراية بهذا الموقف، وتحدث عن ذلك مرارا، ولذا يمكنني القول: حظينا بمحادثة جيدة وبناءة للغاية حقا معا".
ومن المقرر أن يناقش ترامب وبوتين كيفية إنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات ونصف السنة، وهي أكبر صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وقال ترامب في وقت سابق إن على الطرفين مبادلة أراض لإنهاء القتال الذي أودى بحياة عشرات الألوف من الناس وشرد الملايين.
وفي يوم شهد جهوداً دبلوماسية مكثفة، زار زيلينسكي برلين لعقد الاجتماعات عبر الإنترنت مع زعماء أوروبا ثم مع ترامب.
وخشي زيلينسكي وزعماء أوروبا أن يعني تبادل الأراضي استيلاء روسيا على ما يقارب خُمس مساحة أوكرانيا ويكافئها على مساع مستمرة منذ ما يقارب 11 عاما للسيطرة على أراض أوكرانية، التي شملت شن الحرب الشاملة، وأن يؤدي ذلك لزيادة جرأة بوتين للتوسع غرباً في المستقبل.
ونفّذت قوات روسية توغلاً كبيراً في شرقي أوكرانيا خلال الأيام القليلة الماضية، فيما قد يكون محاولة لزيادة الضغط على كييف للتخلي عن أراض.
وقال زيلينسكي: "أخبرت الرئيس الأمريكي وجميع زملائنا الأوروبيين بأن بوتين يخادع (بشأن رغبته المعلنة في إنهاء الحرب)... إنه يحاول ممارسة الضغوط قبل الاجتماع في ألاسكا في كل مناطق المواجهة في أوكرانيا. تحاول روسيا إظهار أن بإمكانها احتلال أوكرانيا بأكملها".
وقال مصدر مطلع إن المكالمة مع ترامب ناقشت المدن المحتملة التي يمكن أن تستضيف الاجتماع الثلاثي، اعتماداً على نتيجة المحادثات في ألاسكا.
وسعياً لعدم إغضاب ترامب، قال الزعماء الأوروبيون مراراً إنهم يرحبون بجهوده، لكنهم شددوا على ضرورة عدم إبرام اتفاق بخصوص أوكرانيا دون مشاركة كييف.
وجاءت موافقة ترامب الأسبوع الماضي على عقد القمة لتشكل تحولاً مفاجئاً بعد التعبير عن الإحباط من بوتين على مدى أسابيع لمقاومته مبادرة السلام الأمريكية. وقال ترامب إن مبعوثه أحرز "تقدما كبيرا" في المحادثات في موسكو.
وأظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة "جالوب"، الأسبوع الماضي، أن 69% من الأوكرانيين يؤيدون إنهاء الحرب عن طريق التفاوض في أقرب وقت ممكن.
لكن استطلاعات رأي تشير أيضاً إلى أن الأوكرانيين لا يريدون السلام بأي ثمن إذا كان ذلك يعني تنازلات ساحقة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية أليكسي فاديف، في وقت سابق، إن موقف موسكو لم يتغير منذ أن حدده بوتين في يونيو/حزيران 2024.
ووقتها اشترط الرئيس الروسي من أجل وقف إطلاق النار وبدء المحادثات أن تسحب أوكرانيا قواتها من 4 مناطق تقول روسيا إنها أصبحت تابعة لها لكنها لا تسيطر عليها بالكامل، وأن تتخلى كييف رسمياً عن خططها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
وسرعان ما رفضت كييف هذه الشروط باعتبارها إعلان استسلام.