بعد اعتقال رئيس غينيا بيساو المنتهية ولايته عمر سيسوكو إمبالو، إثر خلعه بالقوة من منصبه، تطوي البلاد صفحة علاقاته "الوطيدة" مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي جلبت له الكثير من الانتقادات، فيما تعود حادثة إحراجه من قبل الرئيس دونالد ترامب إلى الواجهة.
وقال قادة عسكريون في غينيا بيساو، الأربعاء، إنهم عزلوا عمر سيسوكو إمبالو وسيطروا بشكل كامل على البلاد، كما أعلنوا "تعليق العملية الانتخابية" وإغلاق المجال الجوي وكل النقاط الحدودية في البلاد.
وشوهد عبر فيديوهات متداولة بعض المارة أمام القصر الرئاسي ومقر لجنة الانتخابات وهم يفرّون بحثا عن ملجأ، فيما استمر إطلاق النار في نحو الساعة الواحدة ظهرا وقت حدوث العملية الإنقلابية.
وبعدها أكد سيسوكو إمبالو أنه تم اعتقاله بحسب ما أوردت صحيفة "بيساو ديلي نيوز" المحلية، قال أيضا إنه لم يتعرض لأي عنف خلال هذا "الانقلاب" الذي أفاد بأن من دبره هو رئيس أركان الجيش.
وتعكس مسارعة الرئيس المخلوع للاتصال بوسائل إعلام فرنكوفونية لإعلان اعتقاله حجم العلاقات الوطيدة التي تجمعه بباريس والتي لم تعلق بعد على الحادثة.
ومن فرط قربه اللافت من ماكرون اكتسب إمبالو سمعة سيئة في أفريقيا، ما دفع سياسيين لوصفه بجملته الشهيرة "ماكرون، إنّه أخي"، وعدّوه واحدا من أذرع "فرانس أفريك" لإبقاء النفوذ الفرنسي في القارة، على عكس شعور "معاداة باريس" المتنامي الذي أدى لطرد جنودها العسكريين وقواعدها في عدة بلدان.
وخلال ديسمبر الماضي منح ماكرون رئيس غينيا بيساو المنتهية ولايته وسام جوقة الشرف برتبة ضابط كبير، لدى استقباله له في قصر الإليزيه. وقبل سنوات زار ماكرون غينيا بيساو ضمن جولات شملت نيجيريا، وغانا، وأثيوبيا، وجنوب أفريقيا.
وفي نوفمبر 2022، أحرج إمبالو ماكرون في منتدى باريس للسلام بقوله إن "معمر القذافي كان شرًا لا بد منه لليبيا"، عندما استنكر قتل العقيد معمر القذافي والرئيس العراقي السابق صدام حسين بعد تدخل عسكري قادته فرنسا وبريطانيا تحت مظلة "ناتو".
وأضاف إمبالو، الذي شغل في الفترة الممتدة بين يوليو 2022 إلى غاية منتصف 2023 الرئاسة الدورية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس"، "أن ما وقع في ليبيا جراء التدخل الغربي تسبب بعواقب وخيمة لمالي وبوركينا فاسو والنيجر".
ومن المفارقات أن أعلنت مطلع مارس الماضي "إيكواس" أن بعثتها في غينيا بيساو قد غادرت البلاد بعد تهديد الرئيس عمر سيسوكو إمبالو بطردها.
وكانت إيكواس قد أعلنت أنها أرسلت بعثة إلى غينيا بيساو بالتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة لإيجاد حل يجمع بين المعارضة والحكومة بعد تصاعد الخلافات بشأن توقيت الانتخابات الرئاسية التي أجريت يوم الأحد الماضي.
وقد تدخلت إيكواس لاستعادة الأمن والنظام في غينيا بيساو 3 مرات، كان آخرها عام 2022، فقد نشرت قوة لبسط الاستقرار بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة على نظام سيسوكو.
وخلال ولايته الحالية، حلّ الرئيس إمبالو البرلمان في غينيا بيساو مرتين الأولى في 2021، والأخرى كانت في ديسمبر 2023، بعد اشتباكات مسلحة وقعت في العاصمة قيل إنها كانت محاولة للانقلاب على الحكم، واتهم النظام شخصيات من المعارضة السياسية في البرلمان بالوقوف وراءها.
ورغم هذا السجل الحافل بالانتهاكات، فإنه حظي بدعوة رسمية من الرئيس ترامب لزيارة الولايات المتحدة، أي لم يفوت هذا الأخير الفرصة لإحراج ضيفه وإثارة الجدل والاستعراض.