بعد ثلاثة أيام من إجراء غينيا بيساو انتخاباتها الرئاسية، أعلنت القيادة العسكرية للبلاد توليها زمام الأمور وغلق الحدود، في انقلاب وصف بالغريب في بلد مثقل بالاضطرابات السياسية منذ عقود، بسبب مبادرة الرئيس المنتهية ولايته عمر سيسوكو إمبالو لكشف عملية خلعه من الحكم.
وعلى عكس الانقلابات العسكرية الأخرى فاجأ عمر سيسوكو إمبالو، شعب غينيا بيساو بالاتصال بوسائل إعلام فرنسية وإعلان تعرضه للاعتقال داخل مكتبه في القصر الرئاسي ظهر اليوم الأربعاء في تحرك أثار سخرية مراقبين.
وأعلن ضباط عسكريون في غينيا بيساو تعليق العملية الانتخابية وإغلاق حدودها، وذلك في بيانٍ تُلي في مقر قيادة الجيش بالعاصمة بيساو، وبثّه التلفزيون الرسمي. وأكدوا تشكيل "القيادة العسكرية العليا لاستعادة النظام"، التي ستتولى إدارة البلاد حتى إشعارٍ آخر.
وأكد الرئيس المخلوع، اعتقال رئيس الأركان ونائبه بياجي نانتان ومامادو توريه ووزير الداخلية بوتشي كاندي، ولاحقاً اتهم إمبالو رئيس أركان القوات البرية بتدبير محاولة الانقلاب.
وخلال عملية الانقلاب في وقت سابق سمعت طلقات نارية بالقرب من مقر لجنة الانتخابات والقصر الرئاسي ووزارة الداخلية دون أن يعلن وقوع إصابات أو ضحايا.
التطورات تزامنت مع إعلان كلٍّ من الرئيس إمبالو ومنافسه المعارض فرناندو دياس دا كوستا فوزهما بالانتخابات، حيث جرت في أجواء هادئة لكنها افتقدت إلى المشاركة الوازنة لأبرز حزب معارض ومرشحه دومينغوش سيمويس بيريرا، وهو ما جعل إمبالو المرشح الأوفر حظًا، بحسب المعسكر الحاكم.
وادعى متحدث باسم إمبالو أن إطلاق النار كان من قِبل مسلحين تابعين لدياس. واتهم أحد حلفاء دياس إمبالو بمحاولته محاكاة انقلاب لإعلان حالة الطوارئ والاحتفاظ بالسلطة. ولم يقدم أيٌّ منهما أي دليل على الادعاءات.
ومن المقرر أن تعلن لجنة الانتخابات عن النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية يوم الخميس.
وشهدت غينيا بيساو ما لا يقل عن تسعة انقلابات منذ الاستقلال وحتى تولي إمبالو منصبه عام 2020، وزعم الأخير أنه نجا من ثلاث محاولات انقلاب خلال ولايته الأولى، كان آخرها في أكتوبر.
ووقتها زعم معارضون أن إمبالو فبرك محاولات الانقلاب، مستخدمًا إياها ذريعةً لقمع المعارضة. ففي ديسمبر 2023، سُمع دوي إطلاق نار لساعات في بيساو، وصفه إمبالو بأنه محاولة انقلاب. وقام بحل البرلمان، ولم يعد لغينيا بيساو مجلس تشريعي يعمل بكفاءة منذ ذلك الحين.
وهذا الاستيلاء العسكري هو الأحدث في سلسلة من الانقلابات في غينيا بيساو منذ حصولها على استقلالها عن البرتغال في عام 1974. وبلغ متوسط الدخل السنوي في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 2.2 مليون نسمة 963 دولاراً فقط في عام 2024، وفقاً للبنك الدولي.
وصنّفت الأمم المتحدة غينيا بيساو "دولة مخدرات" عام 2008 نظرًا لدورها كمركز لتجارة الكوكايين العالمية، حيث تقع بين السنغال وغينيا، ويتميز ساحلها بأنهار عديدة و88 جزيرة في أرخبيل بيجاغوس، والتي قال الخبراء إنها وفّرت نقاط انسكاب طبيعية ومنعزلة استخدمتها عصابات المخدرات الكولومبية.