قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن حسابات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "الغبية والمعيبة" للرسوم الجمركية أذهلت الاقتصاديين، وإن المتملقين حول الرئيس توصلوا إلى صيغة تبسيطية أربكت الاقتصاد العالمي.
وبيّنت أن الطريقة المستخدمة لحساب أهم الأرقام في التجارة الدولية والسياسة والاقتصاد أثارت دهشة بعض كبار خبراء العالم؛ إذ بحث البيت الأبيض عن العجز التجاري في السلع لكل دولة لعام 2024، ثم قسمه على إجمالي قيمة الواردات.
واستعرضت الصحيفة، أرقام الصين، إذ إن عجز تجارة السلع يُقدر بـ291.9 مليار دولار، وإجمالي واردات السلع يُقدر بـ438.9 مليار دولار؛ وبقسمة الرقمين يكون الناتج 67%؛ وبقسمة النصف نصل إلى التعرفة الجديدة، البالغة 34%.
وذكرت أنه بالنسبة للدول التي لا تعاني من عجز كبير، طبّق البيت الأبيض حدًا أساسيًا بنسبة 10%، ما يضمن تطبيق الرسوم الجمركية بصرف النظر عن نتيجة المعادلة الحسابية؛ وهذا ما كان بالنسبة للمملكة المتحدة، التي يُقدّر مكتب الإحصاء الأمريكي أنها ستحقق فائضًا يقارب 12 مليار دولار في عام 2024.
وأضافت الصحيفة أن واشنطن كانت تتحدث لأسابيع عن تمرين سياسي معمق لوضع أرقام تستند إلى مزيج من الحواجز الجمركية وغير الجمركية أمام التجارة، كما تراها؛ بما في ذلك ما يُزعم أنه "تلاعب بالعملة"، والقوانين واللوائح المحلية، والضرائب مثل ضريبة القيمة المضافة.
وأكدت الصحيفة أن طريقة الحساب أثار بحد ذاته استغراب الخبراء الذين قالوا إن إدراج ضريبة القيمة المضافة أمرٌ غير معتاد؛ لأن ضريبة مبيعات تُدفع على السلع المنتجة محليًا والواردات الأجنبية على حد سواء.
وأشارت الصحيفة إلى أن التعريفات الجمركية المتبادلة تُحسب كمعدل التعريفة الجمركية اللازم لموازنة العجز التجاري الثنائي بين الولايات المتحدة وكلٍّ من شركائها التجاريين، مبيّنة الحساب يفترض أن العجز التجاري المستمر ناتج عن مزيج من العوامل الجمركية وغير الجمركية، التي تمنع التجارة من التوازن.
ولفتت إلى أن العجز التجاري يحدث عندما تشتري دولة ما أكثر مما تبيع في الخارج؛ حيث عانت الولايات المتحدة من عجز تجاري مستمر منذ سبعينيات القرن الماضي، وعادةً ما يتوازن العجز التجاري بمرور الوقت، إذ يُسبب ضغطًا هبوطيًا على عملة الدولة؛ نتيجةً لتفوق الطلب على العملات الأجنبية لشراء السلع المستوردة على الطلب على العملة المحلية.
ورغم ذلك، وبفضل تربعها على عرش عملة الاحتياطي العالمي، المستخدمة في جميع أنحاء النظام المالي العالمي للمدفوعات والتجارة الدولية، تمكنت الولايات المتحدة من تسجيل عجز تجاري أكبر مما تستطيع الدول الأخرى تحقيقه.
ولفتت الصحيفة إلى أن أحد أسباب العجز التجاري الأخرى بين أمريكا وشركائها يعود إلى أن السلع الأمريكية باهظة الثمن بالنسبة للمستهلكين في الاقتصادات النامية، ما يساعد على تفسير بعض العجز التجاري الكبير بشكل خاص، والتعريفات الجمركية الجديدة، المفروضة على الدول الأكثر فقراً.
ونقلت الصحيفة عن آدم توز، المؤرخ الاقتصادي بجامعة كولومبيا في الولايات المتحدة، قوله إن التعريفات الجديدة تُظهر سياسات "غريبة" تجاه دول جنوب شرق آسيا، بما في ذلك تعريفة جمركية بنسبة 49% على كمبوديا، ومعدلات 48% على لاوس، التي تُعد من أفقر دول العالم.
وأضاف أنها شملت أيضًا فرض تعرفة جمركية بنسبة 46% على فيتنام، التي أصبحت على وجه الخصوص جزءاً من سلسلة التوريد العالمية لكبار المصنعين، بما في ذلك شركات التكنولوجيا والملابس الأمريكية مثل "نايكي" و"إنتل" و"آبل".
وأشار المؤرخ توز إلى أن ذلك "ليس لأنهم يمارسون تمييزاً شرساً ضد الصادرات الأمريكية، بل لأنهم فقراء نسبياً؛ والولايات المتحدة لا تصنع الكثير من السلع التي تناسبهم للاستيراد".
وذكرت الصحيفة أنه بينما سعت أمريكا السنوات الأخيرة إلى تعزيز التنمية في الدول الأفريقية، من خلال سياسات لتشجيع التصنيع من قِبل شركات مثل "ليفي شتراوس" و"رانجلر"، لكن ترامب قلب، من خلال استراتيجيته "أمريكا أولاً"، عقودًا من محاولات الإدارات الأمريكية المتعاقبة لممارسة نفوذ اقتصادي عالمي، رأسًا على عقب، مُحدثًا زلزالًا في الاقتصاد العالمي.