دخلت الحرب الأوكرانية الروسية مرحلة جديدة، منذ أن منح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، مهلة الـ50 يوماً، بحسب تحليل لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية.
ويعتقد خبراء عسكريون أن بوتين اختار التصعيد العسكري، وعدم مراجعة أهداف الحرب، رداً على مهلة ترامب، خصوصاً في ظل التفوق الروسي الواضح، مقابل تراجع أوكراني لم تفده حتى العمليات النادرة، مثل "شبكة العنكبوت" التي ضربت الأسطول الجوي لموسكو.
ويؤكد رئيس هيئة الأركان الفرنسية، الجنرال بوركارد، على أن "بوتين يلعب دوراً حاسماً في تهديد أوكرانيا"، مشدداً على البعد الشخصي للقرارات المتخذة في الكرملين، فيما يؤكد خبراء الناتو أن الرئيس الروسي "لم يُراجع أهدافه" للحرب بعد قرابة ثلاث سنوات ونصف من بدء الصراع.
ويقول يوهان ميشيل، الخبير العسكري في معهد الدراسات الاستراتيجية والدفاعية في ليون إن بوتين "محاصر بوعوده في الحرب"، مستدركاً أن "هذا التطرف يحول دون أي إمكانية للتفاوض بشأن كييف".
وفي المقابل، يتسارع التقدم الروسي حالياً، ويهدد هجوم موسكو الصيفي بوضع القوات المسلحة الأوكرانية تحت ضغط شديد و"هي المنهكة بالأصل"، بحسب الخبير العسكري جاك واتلينغ.
بينما تنقل "لوفيغارو" عن مصدر عسكري فرنسي أن "الروس يضاعفون قطاعاتهم الهجومية لتشتيت احتياطيات العدو"، مع تقارير تشير إلى أن موسكو نشرت ما يقرب من 700 ألف جندي في أوكرانيا، أي أكثر من تعداد جيش كييف.
كما تلفت إلى أن الجيش الروسي قد عدّل تكتيكاته، مفضلاً شن هجمات بوحدات مشاة صغيرة أو وحدات على دراجات نارية، للتقدم بسرعة أكبر وبخفة، مقابل تشكيك مصدر عسكري فرنسي أن قدرة القوات الأكرانية على الصمود ستة أشهر.
تُعتبر عدة جبهات أوكرانية مصدر قلق، لكن أولها مدينة بوكروفسك، المحاصرة عملياً، ولإسقاط هذا المعقل، تقصف روسيا بصبر آخر طرق إمداد المدافعين، وإلى الشمال قليلاً، تقع سيفيرسك أيضاً في مرمى النيران، وكذلك الطريق المؤدي إلى إقليم دنيبروبتروفسك.
ويمثل عبور الحدود الجغرافية لدونباس تحدياً رمزياً كبيراً، في ظل مواصلة الجيش الروسي ضغطه القوي باتجاه سومي، شمالاً، حيث يحشد 50 ألف جندي. وبينما يتمثل الهدف في إنشاء "منطقة عازلة" خارج الحدود الروسية، فإن هذا التركيز للقوة يُجبر الجيش الأوكراني على تعزيز مواقعه على بُعد 300 كيلومتر من كييف.
وتنقل "لوفيغارو" عن مصدر عسكري فرنسي أن روسيا تريد إسقاط آخر المعاقل الحضرية في دونباس"، ورغم توقعه بصمود الأوكرانيين فترة من الزمن، إلا أنه يؤكد أن الروس سيحققون تفوقاً على المديين المتوسط والطويل.
وتهاجم القوات الروسية الخطوط الأوكرانية الأمامية، مكثفة الضربات بعيدة المدى، فمنذ نهاية مايو/ أيار الماضي شنت بانتظام هجمات بطائرات دون طيار، بأكثر من 250 طائرة، إضافة إلى الصواريخ الباليستية أو الباليستية الجوية التي تُطلق من الطائرات.
وابتداء من خريف هذا العام، قد تمتلك موسكو القدرة على إطلاق ألف طائرة من طراز جيران-2 في كل هجوم، كما يمكن لهذه الطائرات دون طيار، وهي النسخة الروسية من طائرة شاهد الإيرانية، حمل شحنة متفجرة وزنها 90 كغم، مع توقعات محللين بانخفاض قدرة كييف على صد هجمات المسيّرات.
وتقول "لوفيغارو" إن تسليم أنظمة باتريوت أوكرانيا لن يكون حاسماً ضد المسيّرات الروسية "التي تُعد كثيرة جداً بالنسبة لعدد الصواريخ الاعتراضية"، لافتة إلى أن كل صاروخ يكلف عدة ملايين من الدولارات، مقارنة ببضع عشرات الآلاف من الدولارات للطائرة المسيرة.
وترى "لوفيغارو" أن المواجهة التي بدأتها روسيا تتجه إلى ما هو أبعد من أوكرانيا، معتبرة أن بوتين سيصعّد حربه "الهجينة" ضد الغرب، سعياً وراء هدفه على المدى الطويل، وهو "إضعاف أوروبا وحلف الناتو لتوسيع نطاق نفوذه وتثبيط الدعم الغربي لأوكرانيا".
وفي بيان نادر صدر يوم الجمعة، أدان الحلف الإجراءات "السيبرانية الخبيثة" التي شنتها روسيا ضد عدد من أعضائه. ولأول مرة، ألمح الحلف إلى إمكانية الرد، مؤكداً أنه "عازم على استخدام كامل قدراته" لضمان الدفاع عن أعضائه وردع المعتدين الرقميين.