يطبق رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، "استراتيجية الصمت" في مواجهة التعليقات اللاذعة من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بينما يشير إلى حرصه على البقاء "أصدقاء".
وخلال الصيف، شنّ ترامب هجوماً لاذعاً على الهند، واصفاً إياها بـ"الاقتصاد الميت"، فيما أطلق عليها مسؤول في إدارته لقب "مغسلة الكرملين" بسبب استحواذها على النفط الروسي. وكعقاب، فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 50% على البضائع الهندية، وهي رسوم أعلى من تلك التي فُرضت مؤخراً على الصين.
لكن في مواجهة هذا الهجوم، كانت استراتيجية مودي واضحة، وهي "عدم فعل أي شيء"، كما يشير تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
"باختصار، الانتظار"، هكذا قالت آشلي جيه. تيليس، الخبيرة في الشؤون الجيوسياسية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، رداً على سؤال حول نهج مودي، مشيرة إلى أن الحكومة الهندية أظهرت "اتزاناً ملحوظاً في العلن، مع الحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة مع إدارة ترامب".
وتنقل "وول ستريت جورنال" عن مسؤول هندي قوله إن نيودلهي اختارت عمداً أن تكون "حذرة في اتصالاتها" وألا تضيّع سنوات من العمل على تحسين العلاقات مع واشنطن، على أمل أن يكون هذا النوع من ضبط النفس "مجدياً".
في وقت سابق من هذا الشهر، صرّح ترامب بأن الهند والولايات المتحدة تربطهما علاقة خاصة، رغم التوترات الحالية. وردّ مودي في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي: "نُقدّر بشدة ونبادل الرئيس ترامب مشاعره وتقييمه الإيجابي لعلاقاتنا".
والآن يبدو أن العلاقات بدأت تتحسّن، إذ صرّح سيرجيو جور، أحد كبار مساعدي البيت الأبيض الذي رشحه ترامب سفيراً لدى الهند، بأن وزير التجارة الهندي سيزور واشنطن الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة تجارية محتملة.
لكن من غير المرجح أن تعود العلاقات الهندية الأمريكية سريعاً إلى ما كانت عليه، وفقاً للمحللين، فقد رسّخت تصرفات ترامب انعدام ثقة راسخا بالولايات المتحدة لدى الكثيرين في مؤسسة السياسة الخارجية الهندية، يعود تاريخه إلى الحرب الباردة.
كما أدت هذه التغييرات إلى إضعاف موقف صناع القرار الأكثر تأييدا للغرب في نيودلهي، الذين سعوا منذ فترة طويلة إلى تعميق العلاقات مع الغرب، حسبما يقول دبلوماسيون أمريكيون وغربيون آخرون.
ويقول ساران، وزير الخارجية الهندي السابق، إن العلاقات الوثيقة "توقفت، سواء أحببنا ذلك أم لا".
وبنى مودي علاقات شخصية وثيقة مع الرئيس الأمريكي، على الرغم من بعض الانتقادات الموجهة لهذا النهج في الداخل. وخلال فترة ولاية ترامب الأولى، انضم إلى رئيس الوزراء الهندي في تجمع "هاودي مودي"، وهو خاص بالجالية الأمريكية الهندية في تكساس، ثم زار نيودلهي لاحقاً.
وكان مودي من أوائل القادة الأجانب الذين استضافهم ترامب في واشنطن العاصمة بعد عودته إلى السلطة هذا العام. وأشادت تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، وجيه دي فانس، نائب الرئيس، بالهند خلال زيارتهما لها هذا العام. كما عيّنت الحكومة الهندية جيسون ميلر، المستشار السابق لحملة ترامب، كمسؤول ضغط ومستشار.
ولكن في مايو/أيار، انهارت العلاقات الأمريكية الهندية فجأة في أعقاب اشتباك بين الهند وباكستان اندلع بعد هجوم إرهابي في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من كشمير. وألقت نيودلهي باللوم في ذلك الهجوم على جماعات متمركزة في باكستان.
وأثارت ادعاءات ترامب بأنه توسط في وقف إطلاق النار بين البلدين غضب الهند، وهو ما نفته نيودلهي.