تخطو الولايات المتحدة خطوة مهمة في سباق التسلح فرط الصوتي، بعدما كشفت معطيات جديدة عن تطور كبير في قدرات صاروخ الجيش الأمريكي فرط الصوتي بعيد المدى المعروف باسم "دارك إيجل"، في مؤشر على تضييق الفجوة مع كل من الصين وروسيا في واحد من أكثر مجالات التفوق العسكري حساسية.
الصاروخ، الذي عانى على مدى سنوات من تأخيرات تقنية وانتقادات رقابية، بات يمتلك مدى يصل إلى 3500 كيلومتر، وأصبح قادراً على إصابة أهداف عالية القيمة في أقل من 20 دقيقة، مع رأس حربي أصغر حجماً وأكثر فتكاً يعتمد على الطاقة الحركية بدل التفجير التقليدي، وفق صحيفة "يوراسيان تايمز".
كُشف عن هذه التفاصيل في 12 ديسمبر 2025، خلال زيارة وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث إلى ترسانة ريدستون في هانتسفيل بولاية ألاباما، حيث ترأس حفل التسمية الرسمي للمقر الدائم الجديد لقيادة الفضاء الأمريكية (SPACECOM).
وعلى هامش الحدث، تلقى الوزير إحاطات غير رسمية من كبار قادة الجيش ومسؤولي مكتب القدرات السريعة والتقنيات الحرجة (RCCTO) حول البرامج الاستراتيجية، وعلى رأسها برنامج السلاح فرط الصوتي بعيد المدى (LRHW) الذي أُطلق عليه رسمياً اسم "النسر المظلم" في أبريل 2025.
وخلال الإحاطة، أبلغ الفريق فرانسيسكو لوزانو، مدير برنامج فرط الصوت والطاقة الموجهة، بأن مدى الصاروخ يبلغ 3500 كيلومتر، أي أكثر بنحو 700 كيلومتر من الرقم الذي كان مُعلناً سابقاً (2776 كيلومتراً).
هذا التطور يتيح للجيش الأمريكي، نظرياً، توجيه ضربات فرط صوتية دقيقة لأهداف داخل العمق الصيني انطلاقاً من قواعد متقدمة مثل أوكيناوا، في سيناريو مرتبط بتايوان.
ولا يزال الغموض يلف ما إذا كان هذا المدى قد زاد مع تطور التصميم، أم أن البنتاغون كان يتعمد سابقاً إخفاء الأرقام الحقيقية لأسباب أمنية.
كما لا توجد معلومات مؤكدة حول ما إذا كان مدى النسخة البحرية من النظام، المعروفة باسم IRCPS والمخطط لنشرها على مدمرات زوموالت، مماثلاً للنسخة البرية.
أحد أكثر التصريحات إثارة للدهشة جاء من ضابط في الجيش الأمريكي، لم يُكشف عن اسمه، أكد أن صاروخ "دارك إيجل" يحمل رأساً حربياً يزن أقل من 30 رطلاً.
وعلى الرغم من صغر الحجم، أوضح الضابط أن الهدف الأساسي للرأس الحربي ليس الانفجار التقليدي، بل إطلاق قذائف حركية قادرة على إصابة منطقة تعادل مساحة موقف سيارات كامل.
يعتمد الصاروخ بشكل أساس على السرعة الهائلة (نحو 17 ماخ) والمناورة الدقيقة للمركبة الانزلاقية فائقة السرعة، بحيث يُحدث دماراً كبيراً عبر الطاقة الحركية، ما يقلل الحاجة إلى حمولة متفجرة ثقيلة، ويُحسن توافقه مع المعززات الصاروخية.
وفي الوقت نفسه، يحتوي الرأس الحربي المتشظي على قدرة إضافية لتعطيل أهداف أقل تحصيناً، مثل منشآت الرادار وبطاريات الدفاع الجوي.
ويستطيع الصاروخ تغطية مداه الكامل في أقل من 20 دقيقة، ما يمنح الولايات المتحدة قدرة استجابة سريعة في البيئات المتنازع عليها، ويحد بشكل كبير من فرص الخصم في الرد أو الاعتراض.
تأتي هذه التطورات في سياق سباق عالمي محتدم. فقد برزت الصين كقائد عالمي في مجال الأسلحة فرط الصوتية، مع ظهور صواريخ مثل DF-27 والنسخة الجوية من YJ-21.
أما روسيا، فقد استخدمت فعلياً صواريخ كينجال وزيركون في الحرب الأوكرانية. كما يُعتقد أن دولاً مثل إيران وكوريا الشمالية تمتلك قدرات فرط صوتية عاملة.
في هذا السياق، يُنظر إلى "دارك إيجل" باعتباره سلاحاً حاسماً في حال اندلاع صراع مع الصين، خاصة في سيناريو غزو تايوان.
كما أن الصين تعتمد على استراتيجية منع الوصول/الحرمان من المنطقة (A2/AD) عبر صواريخ موجهة ضد السفن والطائرات في بحر الصين الجنوبي، ويهدف "دارك إيجل" إلى اختراق هذه المظلة، واستهداف الأهداف الحساسة زمنياً، وتقويض الدفاعات الجوية المعادية.
تتكون بطارية "النسر الأسود" من أربع منصات إطلاق محمولة على مقطورات، تحمل كل منها صاروخين، وتُجر بواسطة شاحنات HEMTT، إضافة إلى مركبة قيادة تشكل مركز العمليات.
وقد نُشر النظام بالفعل في أستراليا خلال مناورات "تاليسمان سيبر"، وهو أول انتشار خارجي له، كما توجد بطاريات متمركزة في واشنطن وهاواي، مع خطط نشر إضافية في المحيطين الهندي والهادئ وأوروبا.
ورغم ذلك، لم يصل النظام بعد إلى الجاهزية التشغيلية الكاملة (FOC). إلا أن تسارع البرنامج، والكشف عن هذه القدرات الجديدة، يشير إلى أن البنتاغون يقترب من إعلان دخول "دارك إيجل" الخدمة، في خطوة تمثل تحولاً نوعياً في قدرة الردع الأمريكية في عصر فرط الصوت.