logo
العالم

بعد فشل الاختراقات الكبرى.. الحرب الروسية الأوكرانية تدخل مرحلة الاستنزاف

قوات روسية في أوكرانياالمصدر: (أ ف ب)

شهدت الجبهات الأوكرانية خلال سبتمبر وأكتوبر 2025 تباطؤًا واضحًا في الزخم الروسي، حيث استولت  موسكو على أصغر مساحة من الأراضي منذ أشهر، وعلى الرغم من محاولات التوسع في اتجاه سومي وخاركيف، فإن القوات الروسية لم تحقق أي اختراقات استراتيجية، بما في ذلك مدينة "بوكروفسك" التي كانت هدفًا رئيسيًا لها خلال الأشهر الماضية.

وعلى مدار الأشهر الماضية، ارتفع طول خط الجبهة إلى نحو 1,250 كيلومترًا، وفقًا للمراقبين، وهو ما يعكس اتساع نطاق الاستنزاف دون حسم ميداني.

ففي جبهة "بوكروفسك"، التي تُعتبر نقطة الاشتعال الأبرز، تمكنت القوات الأوكرانية من محاصرة آلاف الجنود الروس حول دوبروبيليا، فيما استخدمت طائرات "FPV" المسيّرة والكمائن في المباني المدمرة لإبطاء أي تقدم.

وشهد منتصف سبتمبر الماضي تسجيل أكثر من 150 اشتباكًا قتاليًا، مع تنفيذ الدب الروسي 63 غارة جوية وإسقاط 106 قنابل موجهة.

وفي المقابل، وسّعت أوكرانيا نطاق عملياتها لتشمل الأراضي الروسية ذاتها، بعدما نقلت قوات من جبهة بوكروفسك إلى الحدود قرب كورسك. ودَفعت هذه التحركات موسكو لإجلاء سكان ريلسك وخوموتوفكا، على بُعد 15 كيلومترًا فقط من الحدود، لتصبح الحرب أكثر قربًا من الداخل الروسي.

وتشير المعطيات إلى تباطؤ القدرات الهجومية الروسية وعجزها عن تحقيق اختراقات نوعية، وسط تقديرات غربية بأن إجمالي الخسائر الروسية قد يقترب من مليون ضحية بحلول صيف 2025.

قدرة روسيا وأوكرانيا على الصمود

في المقابل، تمكنت أوكرانيا من فرض إيقاع دفاعي ناجح، مستفيدة من الكمائن والطائرات المسيّرة والهجمات المضادة، لكنها تواجه تحديًا في توزيع قواتها على أكثر من جبهة، ما يزيد من الضغوط على قدرتها على الصمود طويلًا.

لكن استمرار اتساع الجبهات وتعددها يضع الطرفين أمام استنزاف طويل الأمد، قد يحدد مساره حجم الدعم الغربي لكييف، وقدرة موسكو على تجديد زخمها العسكري، وهذا ما أكده الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز".

سيطرة روسية على سيفرسك

وقال نبيل رشوان، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن روسيا أعلنت سيطرتها على مدينة سيفرسك شمال دونيتسك، في حين نفت أوكرانيا هذه الأنباء مؤكدة أن القوات الروسية لم تدخل المدينة بعد، وأن القوات الأوكرانية تركز في الوقت الراهن على الدفاع عن مدينة "بوكروفسك" ذات الأهمية الاستراتيجية.

وأكد رشوان، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن ما يجري على الأرض يمثل "حربًا نفسية إعلامية" بين الطرفين، حيث يسعى كل جانب إلى الظهور في موقع المنتصر. 

وفي الوقت الذي تتحدث فيه روسيا عن إحراز تقدم ميداني، يعلن الجانب الأوكراني عن استعادة مساحات واسعة من الأراضي، إذ أعلن بداية عن تحرير نحو 1300 كيلومتر مربع، ثم عاد وأكد لاحقًا استعادة 400 كيلومتر مربع إضافية.

وأضاف أن "حالة الشد والجذب بين الطرفين" لا تزال مستمرة، لكن خطوط التماس الكبرى تبقى ثابتة إلى حد كبير، دون تغييرات جوهرية، رغم مساعي موسكو للسيطرة الكاملة على مقاطعات زابوروجيا ولوغانسك ودونيتسك.

وأشار المحلل السياسي إلى أن العمليات العسكرية في هذه المرحلة تعتمد أساسًا على الطائرات المسيّرة والصواريخ، لا سيما من الجانب الروسي، لافتًا إلى أن التصعيد قد يبلغ ذروته في حال حصول أوكرانيا على صواريخ "توماهوك" بعيدة المدى، التي يصل مداها إلى نحو 2500 كيلومتر، ولديها القدرة على ضرب العمق الروسي، ما قد يغير طبيعة الحرب جذريًا.

ورأى رشوان أن كلا الطرفين لا يملكان حتى الآن القدرة الكاملة على الحسم العسكري أو فرض السيطرة الشاملة، وهو ما يُبقي الجبهات في حالة "جمود نسبي".

استمرار العقوبات الغربية

وأوضح الخبير في الشؤون الروسية أن استمرار العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، خاصة من الولايات المتحدة، إلى جانب الضغوط المتزايدة لتزويد أوكرانيا بأسلحة ثقيلة وبعيدة المدى، قد يؤدي إلى "تجميد الصراع عند خطوط التماس".

وفي السياق ذاته، قال آصف ملحم، مدير مركز "جي إس إم" للأبحاث والدراسات في روسيا، إن القوات الروسية تواصل عملياتها العسكرية على عدة محاور شرق أوكرانيا، مسجلة تقدمًا نوعيًا في بعض الجبهات.

ففي محور "كوبيانسك" – الجبهة الشرقية – كشف ملحم أن "الوحدات الروسية تواصل القتال للسيطرة على مدينة كوبيانسك، حيث تقدمت من منطقة إستاكادني، وعبرت نهر كوبيانكا باتجاه الشمال على طول شارعي ستودينتشيسكايا وغريغوري سكوفورودي، وصولًا إلى كلية النقل البري".

وأكد أن القتال لا يزال محتدمًا للسيطرة على هذه الجبهة وسط مقاومة أوكرانية تهدف إلى منع تطويق القوات داخل الأحياء المركزية للمدينة، خاصة أن الطائرات الهجومية الروسية نجحت في طرد القوات الأوكرانية من المدرسة رقم 4، وتمكنت من الوصول إلى ممر ليفادني، كما سيطرت على غابة "مالي روفني" شمال الطريق السريع N-26، وصولًا إلى شارع "زوي كوزموديميانسكوي".

وأشار مدير مركز "جي إس إم" للأبحاث والدراسات إلى أن القوات الأوكرانية تحاول فك الحصار عن وحدة شبه محاصَرة في وسط الجزء الغربي من المدينة – على الضفة اليمنى لنهر أوسكول – عبر شن هجمات مضادة في الأجزاء الشمالية والجنوبية من كوبيانسك.

اختراق غرب كونستاتينفكا

وعن محور ليمان بمقاطعة دونيتسك، أوضح د. آصف ملحم أن القوات الروسية تقدمت جنوب غرب مدينة كونستاتينفكا، بالإضافة إلى بلدة شاندريغولوفوي، كما حققت اختراقًا داخل "جيب بيلوغوروفسكي" على مساحة بلغت نحو 4.6 كيلومتر مربع.

وفي محور أوسبينوفكا بمقاطعة دونيتسك، ذكر ملحم أن القوات الروسية أغلقت جيبًا بمساحة تقارب 6.6 كيلومتر مربع شمال بلدة أولغوفكا، وفي الوقت نفسه لا تزال الاشتباكات دائرة في منطقة بولتافكا باتجاه أوسبينوفكا.

أما في محور فولتشانسك بخاركوف، فأكد ملحم أن القوات الروسية تواصل اقتحام الجزء الجنوبي من مصنع فولتشانسك لاستخراج النفط، كما تسعى للسيطرة على محطة قطار فولتشانسك، وتتقدم نحو الأحياء السكنية في منطقة كيسلياكوفكا.

أخبار ذات علاقة

روسيا تخوض 3 معارك "طاحنة" في جبهة خاركيف

روسيا تخوض 3 معارك "طاحنة" في جبهة خاركيف "الملتهبة" (تحليل عسكري)

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC