منح الاتحاد الأوروبي نفسه مهلة خمس سنوات لتعزيز قدراته العسكرية، مع التركيز على مواجهة التهديدات المحتملة بحلول عام 2030، معلناً عن "خريطة طريق دفاعية" لتسريع إعادة تسليح الجيوش الأوروبية في مجالات حيوية مثل الطائرات المسيّرة، والصواريخ، والدفاع السيبراني.
ووافق البرلمان الأوروبي والمجلس على برنامج الصناعات الدفاعية الأوروبية، الذي يسهل المشتريات المشتركة بين الدول الأعضاء. ورغم أن حلف شمال الأطلسي يظل الجهة الرئيسة للدفاع الجماعي في أوروبا، فإن الاتحاد يسعى لتعزيز دوره الذاتي.
وكان المفوض الأوروبي للدفاع، أندريوس كوبيليوس، أكد أن الأوروبيين يمتلكون حالياً فقط 50% من المعدات اللازمة لضمان دفاع فعال، بناء على خطط الناتو، في وقت شددت فيه رئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين، على أن التهديدات الأخيرة أظهرت أن أوروبا في خطر، وأن عليها حماية نفسها بـ "الوحدة والتضامن والعزيمة".
ووفق تقرير لصحيفة "لوموند" الفرنسية، تضع الخريطة أهدافاً واضحة بحلول 2030، بما في ذلك دمج أوكرانيا في قاعدة الصناعات الدفاعية الأوروبية، استجابة لطلب رؤساء الدول والحكومات، الذين سيناقشونها في بروكسل في 23 أكتوبر.
وتشجّع بروكسل الدول على استخدام أدوات جديدة مثل آلية العمل الأمني لأوروبا، التي توفّر قروضاً مدعومة بقيمة 150 مليار يورو، إذ من المتوقع أن تحصل فرنسا على 16.8 مليار يورو. كما يأتي البرنامج بميزانية أولية 1.5 مليار يورو، مع خطط لزيادتها اعتباراً من 2028.
ويعتقد عضو البرلمان، رافائيل غلوكسمان، أن الاتفاق يبني "أوروبا مرنة وذات سيادة من خلال استثمارات مشتركة وتكامل مع الصناعات الأوكرانية"، في حين يرى فرانسوا كزافييه بيلامي أن البرنامج "سيغيّر منطق الاستيراد السائد، بعد عقود من التبعيات الخطيرة".
ومع ذلك، يظل الدفاع مسألة سيادة وطنية، كما أكدت ألمانيا وفرنسا، إذ تذهب كايا كالاس، مسؤولة الدبلوماسية الأوروبية، إلى أن الدول هي المسؤولة عن قرارات الاقتناء والتطوير "لكن العمل المشترك يسد الفجوات"، في حين وعدت معظم الدول بزيادة إنفاقها الدفاعي إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2035، ضمن إطار الناتو.
كما تركّز الخريطة على تسعة مجالات لها أولوية، أبرزها الصواريخ بعيدة المدى، والدفاع المضاد للصواريخ، والمدفعية، والذكاء الاصطناعي، والفضاء، والطائرات دون طيار، إذ تشكّل الدول المهتمة تحالفات لتحديد الاحتياجات وتقديم طلبات مشتركة.
ومن المتوقع أن تؤدي هذه الجهود إلى طلبات ضخمة اعتباراً من 2026، مع تفضيل الشركات الأوروبية عبر تمويل آلية العمل الأمني، إذ ستشرف وكالة الدفاع الأوروبية، برئاسة كالاس، على التنفيذ وإصدار تقارير سنوية، استجابة لطلب الدول التي رفضت إسناد المهمة للمفوضية.
يأتي هذا وسط دعوات أمريكية، مثل تلك من وزير الدفاع بيت هيغسيث، لقيادة الأوروبيين ردع روسيا، إذ يهدف الاتحاد إلى شراء 55% على الأقل من المعدات المصنعة محلياً بحلول 2030، مقارنة بالاعتماد الحالي على الولايات المتحدة.
كذلك تقترح الخريطة أربعة مشاريع رئيسة، هي: جدار مضاد للطائرات المسيّرة، ونظام مراقبة للجناح الشرقي، ودروع جوية وفضائية. وفي حين تدعم دول الشرق هذه المشاريع، تظل باريس وبرلين حذرتين.
ورغم ذلك، تظل الخريطة، وفق دبلوماسي أوروبي، "مجرّد نقاشات" و"لا يوجد شيء واضح تماماً بعد"، ما يعكس حجم التحديات السياسية والمالية التي قد تعيق خطوات أوروبا "الدفاعية المستقلة".