logo
العالم

بعد عودتهما للتفاوض.. هل تعيد روسيا وأوكرانيا رسم قواعد اللعبة؟

بعد عودتهما للتفاوض.. هل تعيد روسيا وأوكرانيا رسم قواعد اللعبة؟
محادثات سابقة بين أوكرانيا وروسيا في تركياالمصدر: منصة إكس
23 يوليو 2025، 12:15 م

بعد توقف دام 7 أسابيع، تعود أوكرانيا وروسيا اليوم إلى طاولة المفاوضات وسط حرب لم تهدأ، وضغوط دولية تتقاطع فيها مصالح السلاح والدبلوماسية، التي لا تبدو كسابقاتها؛ فالظروف تغيرت، والمعادلات باتت أكثر تعقيدًا.

ويرى خبراء في الشأن الأوكراني أن بدء جولة جديدة من المفاوضات مع روسيا يمثل تحركًا دبلوماسيًا في توقيت حساس، تحاول فيه كييف استعادة الزخم السياسي والدولي بعد شهور من الجمود الميداني.

واعتبر الخبراء في تصريحات خاصة، أن المبادرة الأوكرانية تهدف إلى كسر العزلة، وتحفيز الدعم العسكري الغربي، مع توجيه رسالة للمجتمع الدولي مفادها أن أوكرانيا لا ترفض الحل السياسي، لكنها ترفض تقديم تنازلات تمس سيادتها.

وأضاف الخبراء أن موسكو تنظر إلى الجولة الجديدة كفرصة لإعادة صياغة شروط التفاوض بما يتماشى مع موازين القوى الحالية، بعد مكاسب ميدانية وتحولات في المواقف الدولية.

ووفق تقديرهم، فإن روسيا تراهن على حالة الإرهاق الغربي من استمرار الصراع، وتراجع الأولويات الدولية تجاه أوكرانيا، لدفع نحو تسوية تحفظ مكاسبها الميدانية وتفرض وقائع جديدة على طاولة الحوار.

أخبار ذات علاقة

خلال المحادثات الروسية الأوكرانية في إسطنبول

"إنترفاكس": روسيا توافق على إجراء محادثات مع أوكرانيا في إسطنبول

خطوة دبوماسية مهمة 

وأكد إيفان يواس، مستشار مركز السياسات الخارجية الأوكراني، أن مبادرة الرئيس فولوديمير زيلينسكي لاستئناف محادثات السلام مع روسيا تمثّل «خطوة دبلوماسية مهمة» في توقيت بالغ الحساسية، مع استمرار الحرب وتزايد الضغوط الدولية على طرفي الصراع.

وقال يواس، في تصريح لـ«إرم نيوز»، إن الرئيس زيلينسكي أبدى مؤخرًا استعداده للعودة إلى طاولة الحوار مع الكرملين، مقترحًا مناقشة 3 ملفات أساسية: «وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، وإعادة الأطفال الأوكرانيين الذين رحّلتهم روسيا قسرًا».

وأوضح أن الهدف من هذا التحرك هو «إعادة تسليط الضوء الدولي على الأزمة، وفتح المجال أمام تسوية عادلة وشاملة دون التنازل عن الثوابت الوطنية».

وأشار يواس إلى أن توقيت المفاوضات جاء بعد موافقة الولايات المتحدة على تزويد كييف بأنظمة دفاع جوي متطورة، بالتزامن مع تهديدات إدارة ترامب بفرض عقوبات على شركاء موسكو التجاريين، وهو ما تعتبره أوكرانيا «شرطًا ضروريًا لتحريك المسار التفاوضي».

وأضاف يواس أن زيلينسكي جدد استعداده للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجهًا لوجه، إلا أن موسكو لم تُبدِ – كعادتها – أي تجاوب فعلي، إذ اكتفى المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف بالقول إن روسيا «مهتمة بالسلام»، لكنها «متمسكة بأهدافها الخاصة».

رسالة للحلفاء

وتابع أن الشروط الروسية التفاوضية لم تتغير، وتشمل «الحياد السياسي لأوكرانيا، وعدم الانضمام إلى الناتو، والاعتراف باللغة الروسية، وتحديد حجم الجيش الأوكراني»، فضلًا عن الإبقاء على السيطرة الروسية في الأراضي المحتلة، وهي شروط قال إنها «تُفرغ أي مفاوضات من مضمونها».

وأكد يواس أن كييف، رغم إدراكها لصعوبة المسار التفاوضي، ترى في هذا الحراك الدبلوماسي فرصة لتعزيز الدعم العسكري وتسريع الضغط السياسي على شركاء موسكو، في ظل مؤشرات أوروبية داعمة، منها إرسال ألمانيا صواريخ «باتريوت» إضافية، وانضمام 7 دول من الناتو إلى آلية تبادل الأسلحة لدعم الدفاعات الأوكرانية.

وأشار مستشار مركز السياسات الخارجية الأوكراني إلى أن روسيا تسعى من جانبها إلى «التحايل على العقوبات المتوقعة» من خلال تعزيز شراكاتها مع دول في آسيا وأمريكا اللاتينية، كما تلجأ إلى أدوات الدعاية الإعلامية لإظهار نفسها كطرف راغب في السلام، «رغم رفضها العملي لأي انسحاب من الأراضي المحتلة أو مراجعة لشروطها».

ورأى يواس أن مجرد طرح استئناف المفاوضات يمثل رسالة للحلفاء بأن أوكرانيا لا ترفض الحل السياسي، لكنها ترفض الاستسلام، مؤكدًا أن مبادرة زيلينسكي موجهة إلى موسكو وواشنطن وبروكسل على حد سواء، وأن فشلها سيكون مسؤولية الطرف الذي يرفض التنازل.

أخبار ذات علاقة

المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف

روسيا تؤيد عقد جولة جديدة من المحادثات مع أوكرانيا

لحظة دقيقة من عمر الصراع 

ومن جهته، اعتبر ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، أن جولة المفاوضات الجديدة بين روسيا وأوكرانيا تأتي في لحظة دقيقة من عمر الصراع، حيث يتراجع زخم الدعم الغربي لكييف، في مقابل تصاعد الثقة الروسية، مدعومة بتغييرات ميدانية وسياسية تصب في مصلحة موسكو.

وقال بريجع، في تصريح لـ«إرم نيوز»، إن التوقيت الحالي يمنح المفاوضات بعدًا استراتيجيًا، خاصة مع تراجع قدرة الطرفين على مواصلة الحرب بنفس الوتيرة، في ظل كلفة باهظة على المستويين العسكري والاقتصادي.

وأشار إلى أن أوكرانيا تسعى من خلال هذه الجولة إلى كسر الجمود السياسي والعسكري، واستعادة مركز الاهتمام الدولي، بما يتيح لها هامشًا أوسع للمناورة، في وقت تواجه فيه تحديات ميدانية تتطلب مراجعة عميقة للحسابات الاستراتيجية.

صياغة قواعد اللعبة

وأوضح ديميتري بريجع أن موسكو تنظر إلى الجولة الجديدة كـ«فرصة» لإعادة صياغة قواعد اللعبة وفق مصالحها الجيوسياسية، خاصة فيما يتعلق بضمانات الحياد الأوكراني، والاعتراف بالأمر الواقع في المناطق التي باتت خاضعة لسيطرتها.

ولفت مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية إلى أن البيئة الدولية المحيطة بالمفاوضات تعكس وجود رغبة غير معلنة لدى بعض القوى الكبرى في إنهاء حالة الاستنزاف وإعادة ترتيب الأولويات بعيدًا عن النزاع الروسي-الأوكراني؛ ما قد يفتح الباب أمام «تليين بعض المواقف أو فتح قنوات خلفية للتسوية»، رغم استمرار التباينات الجوهرية بين موسكو وكييف.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC