قال خبراء متخصصون في الشؤون الفرنسية-الصينية إن التوقيت المتزامن لزيارة نواب من البرلمان الأوروبي إلى تايوان، وانعقاد قمة مرتقبة في بكين، يعكس اضطرابًا متزايدًا في سياسة الاتحاد الأوروبي بين الضغط الاقتصادي الذي تمارسه الصين، والدعم القيمي لتايوان.
ففي الوقت الذي يسعى فيه قادة أوروبا إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية خلال القمة المقررة في بكين، يوجّه أعضاء البرلمان الأوروبي رسالة واضحة: الديمقراطية والقيم لا يجب أن تُرهبها المصالح الاقتصادية.
وهذا التوازن الهش يُجسد التحول في سياسة الاتحاد الأوروبي، فيما يُعرف بـ"السياسة الصفرية" بين الصين وتايوان.
أكدت الصين أن أنتونيو كوستا، رئيس المجلس الأوروبي، وأورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، سيزورانها، في 24 يوليو/تموز، على أن يترأسا القمة الخامسة والعشرين بين الاتحاد الأوروبي والصين في 25 يوليو، وذلك بمناسبة مرور 50 عامًا على إرساء العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين.
وفي الوقت ذاته، يقوم وفد من لجنة حماية الديمقراطية في البرلمان الأوروبي بزيارة إلى تايوان، في خطوة رمزية قوية، جاءت كرد فعل مباشر على التهديدات الصينية، وتهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات الأمن، خاصة في مواجهة حملات التضليل، والتدخلات الخارجية.
وقال فرانسوا جودمون، خبير العلاقات الفرنسية-الصينية في معهد البحوث السياسية بباريس، لـ"إرم نيوز"، إن "إرسال الأوروبيين رسائل منفصلة إلى بكين وتايبيه يُظهر رغبة الاتحاد الأوروبي في الحفاظ على دور سياسي مستقل، لا يكون محصورًا بين الولايات المتحدة والصين".
وأشار جودمون إلى أن هذه الإستراتيجية تمثل محاولة لتحقيق توازن استراتيجي، عبر دعم الديمقراطية في تايوان من دون إحراج العلاقات الاقتصادية مع بكين.
من جهته، قال جان-بيير كابستان، أستاذ وخبير في شؤون الصين وتايوان في معهد الدراسات السياسية بباريس، لـ"إرم نيوز"، إن زيارة النواب تعكس إدراكًا أوروبيًا متزايدًا لأهمية تايوان، ليس فقط من الناحية الاقتصادية، خاصة في دعم سلاسل توريد الرقائق الإلكترونية، بل أيضًا من الناحية الأمنية.
ورأى كابستان أن أوروبا تتعامل مع تايوان بوصفها شريكًا قيميًا واستراتيجيًا أكثر منها خصمًا سياسيًا، مشيرًا في الوقت ذاته إلى التزام الاتحاد الأوروبي بسياسته الرسمية المعروفة بـ"سياسة الصين الواحدة".
وأضاف أن "هذا التوازن يُترجم في الساحة السياسية برسالة واضحة: نريد الصين شريكًا اقتصاديًا، وتايوان حليفًا ديمقراطيًا".