logo
العالم

هل فشلت مباحثات إسطنبول في كسر الجمود بين موسكو وكييف؟

هل فشلت مباحثات إسطنبول في كسر الجمود بين موسكو وكييف؟
جانب من المباحثات بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبولالمصدر: (أ ف ب)
17 مايو 2025، 3:11 م

تشهد المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا حالة من الغموض والتعقيد، رغم استئنافها في إسطنبول مؤخرًا بعد انقطاع دام سنوات، خاصة بعد اللقاء المباشر بين وفدي البلدين دون حضور وسطاء دوليين، الذي شكّل تطورًا لافتًا في مسار الصراع، لكنه لم يفضِ إلى نتائج حاسمة.

وأكد خبراء أن استئناف المفاوضات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول يُعد تطورًا ملحوظًا بعد 3 سنوات من الحرب، لكنه لا يعني اقتراب الحل، في ظل استمرار الخلافات الجوهرية حول مستقبل الأراضي المحتلة والانضمام إلى الناتو.

وخلال المفاوضات طالبت أوكرانيا بوقف فوري لإطلاق النار كخطوة أولى نحو إنهاء الحرب، والحصول على ضمانات أمنية دولية، وعودة السيطرة على أراضيها بما يشمل المقاطعات الأربعة، بالإضافة إلى الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو".

أخبار ذات علاقة

نائب وزير الخارجية الأوكراني في محادثات إسطنبول

"تنازلات مؤلمة".. مسؤول أوكراني يكشف عن مطالب روسيا في محادثات إسطنبول

مواقف موسكو الاستراتيجية

في المقابل، تمسكت موسكو بمواقفها الاستراتيجية، وعلى رأسها رفض أي بحث في مسألة انضمام كييف للناتو، باعتبار ذلك تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، والاعتراف بسيادتها على الأراضي التي ضمتها خلال الحرب، بما فيها "دونيتسك، ولوغانسك، وخيرسون وزابوريجيا" إلى جانب شبه جزيرة القرم.

ولعبت تركيا دور الوسيط في استضافة المفاوضات، وسط غياب واضح لأي تمثيل أمريكي أو أوروبي مباشر داخل قاعة الحوار، وهو ما يعكس رغبة موسكو في تقليص التأثير الغربي على سير التفاوض. 

رغم انخفاض وتيرة العمليات العسكرية خلال فترة المفاوضات، فإن أجواء الحرب لا تزال حاضرة على الجبهات الشرقية والجنوبية، ما يشير إلى هشاشة الوضع الميداني واستمرار احتمالات التصعيد في حال فشل الجولة المقبلة من الحوار.

ولم تعلن حتى الآن مواعيد محددة للجولة التالية من المفاوضات، وبحسب مصادر دبلوماسية لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أكدت أن الطرفين اتفقا مبدئيًا على استكمال الحوار خلال الأيام المقبلة، وسط تأكيد متبادل على أهمية الاستمرار في القنوات الدبلوماسية.

ورغم بعض المؤشرات الإيجابية المرتبطة بانعقاد اللقاء دون وسطاء، فإن استمرار الخلافات حول الملفات الكبرى، وعلى رأسها السيادة على الأراضي ومسألة الأمن الإقليمي، يجعل من فرص التوصل إلى اتفاق شامل في المدى القريب أمرًا مستبعدًا.

خلافات جوهرية والناتو

ورأى الخبراء في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن اللقاء شكّل بداية لمسار تفاوضي جديد، رغم أن احتمالات التوصل إلى اتفاق شامل لا تزال ضئيلة في الوقت الراهن.

وأضافوا أن موسكو تسعى لفرض تسوية نهائية تضمن أمنها الاستراتيجي، وفي الوقت نفسه تحاول كييف انتزاع هدنة مؤقتة بإشراف دولي، وسط مساع تركية حثيثة لتثبيت وقف إطلاق النار. 

رسالة إيجابية

قال د. محمود الأفندي، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن اجتماع الوفدين الروسي والأوكراني في إسطنبول يُعد في حد ذاته رسالة إيجابية، إذ إنه اللقاء الأول المباشر بين الطرفين دون أي وسيط منذ اندلاع الحرب قبل ثلاث سنوات.

وأوضح لـ"إرم نيوز"، أن الجانب الروسي طلب عدم حضور الأمريكيين أو الأتراك داخل قاعة المفاوضات، وقد جرت تفاهمات إيجابية بحسب ما صرح به رئيس الوفد الروسي، من أبرزها الاتفاق على تبادل 100 ألف أسير من كل جانب دون وسطاء، في تطور غير مسبوق، خاصة أن الوساطات كانت في ملف الأسرى تُسند إلى دول مثل الإمارات أو قطر أو السعودية.

مبادرة أوكرانية 

وأشار الأفندي إلى أن المفاوضات لم تسفر عن وقف لإطلاق النار، غير أن الوفد الأوكراني طرح مبادرة لعقد قمة مباشرة بين الرئيسين فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي، وهو ما وعد الجانب الروسي بطرحه على الكرملين، معتبرًا ذلك بادرة مهمة في أول جولة من المفاوضات المباشرة.

لفت المحلل السياسي إلى أن العودة للمفاوضات عبر الوساطة التركية تعد خطوة ذكية من موسكو، مشيرًا إلى أن الاتفاق شبه النهائي الذي تم التوصل إليه في تركيا قبل العملية العسكرية كان سيؤدي إلى إنهاء الحرب، لولا تدخل الدول الغربية، خاصة بريطانيا، الذي أفشل تلك التسوية.

وكشف أن جولة جديدة من المفاوضات سيتم الإعلان عنها خلال الأسبوع المقبل، مؤكدًا أن الطرفين أبديا حرصًا على تجنب التصعيد والاستفزازات خلال الجولة الأولى.

وبين الخبير في الشؤون الروسية، أن الاتفاق الذي جرى بين موسكو وكييف في مارس 2022 كان من شأنه تجنب السيطرة الروسية على المقاطعات الأربعة، والاكتفاء بشبه جزيرة القرم، وهو ما كان سينقذ أرواحًا كثيرة، إلا أن التطورات اللاحقة غيرت هذا المسار. 

وأضاف أن عقد لقاء بين بوتين وزيلينسكي سيكون خطوة نوعية في مسار الحل، مؤكدًا أن الروس والأوكرانيين شعب واحد، وبإمكانهم إيجاد حلول لأزمته، لذا فإن ما يجري أقرب إلى حرب أهلية منه إلى صراع بين دولتين.

صعوبة المفاوضات

من جانبه، قال ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، إن المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا "ليست سهلة الآن، ولن تكون كذلك في المستقبل القريب".

وأوضح بريجع لـ"إرم نيوز" أن الطرف الأوكراني يسعى للحصول على وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 30 يومًا، لكن روسيا ترفض هذا الطرح، خوفًا من استغلاله لإعادة تسليح أوكرانيا واستئناف العمليات لاحقًا.

وأشار إلى أن التوقعات كانت تشير إلى احتمال مشاركة الرؤساء ترامب وبوتين وزيلينسكي في لقاء مباشر في إسطنبول، إلا أن ذلك لم يحدث، واكتفى الطرفان بإرسال وفدين رسميين، ما يضفي طابعًا أوليًا على الجولة الحالية.

لا حلول نهائية

ورأى أن النتائج لن تسفر عن حلول نهائية، لكنها تشكل نقطة انطلاق نحو مسار تفاوضي جديد، وأن تركيا، بصفتها طرفًا محايدًا تسعى إلى التوصل إلى هدنة قصيرة الأمد تحت رقابة دولية، غير أن الموقف الروسي لا يزال رافضًا لهذا المقترح.

واختتم بالقول إن استمرار العمليات العسكرية وارد بشدة، وقد يمتد الصراع إلى العام المقبل ما لم يتم التوصل إلى اتفاق واضح لوقف إطلاق النار، سواء كان مشروطًا أم غير مشروط.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC