لا يزال الغموض يحيط بالمرحلة الانتقالية التي تلت الانقلاب العسكري في غينيا بيساو، يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني، على الرغم من إعلان قيادة الجيش عن ميثاق سياسي جديد يحدد الإطار القانوني للمرحلة.
وفي الميثاق المذكور، أوضحت قيادة الجيش بعض معالم إدارة البلاد خلال الأشهر المقبلة وحتى انتخاب رئيس جديد في غضون عام لكن دون تقديم ضمانات حقيقية لإنجاز انتخابات رئاسية.
في المقابل، يقيد الميثاق الطموحات السياسية لقادة المرحلة الحالية حيث يمنع الرئيس ورئيس الوزراء من الترشح إلى الاستحقاقات الانتخابية المقبلة وذلك بهدف ضمان حيادية المرحلة الانتقالية التي ستستمر لمدة عام.
وأثار الميثاق الذي أعلنته قيادة الجيش في غينيا بيساو جدلاً سياسيا واسعاً خاصة في ظل منع المظاهرات الرافضة للانقلاب والمنادية باستعادة الحكم المدني وأيضا عدم توصل المحادثات بين قادة الانقلاب ووفد عن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) لأية نتائج ملموسة.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، عطية عيسوي إن "غينيا بيساو تواجه شبح حدوث انقلاب عسكري مضادّ في أي وقت لأن الحكام الجدد لم يتوافقوا مع كبار مهربي المخدرات" وفق تعبيره.
وأضاف عيسوي في حديث لـ"إرم نيوز" أنه: "مع ذلك، أعتقد أن الحكام الجدد لن يُسلّموا السلطة قريبا وسيحاولون استنساخ سيناريو دول النيجر وبوركينا فاسو ومالي حيث تعهد الانقلابيون هناك بتسليم السلطة في أقرب وقت وبعضهم حدد سنة لكنهم انقلبوا على آرائهم وبقوا في السلطة".
وتابع: "على أي حال لا أعتقد أنهم سيسلمون السلطة قريبا، وسيستطردون بذرائع مختلفة، وإمكانيّة تسليم السلطة تبقى رهينة مدى قدرة التكتلات الإقليمية على الضغط مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) ونيجيريا".
وتأتي هذه التطورات في وقت تواجه فيه غينيا بيساو الكثير من التحديات الأمنية في ظل الاضطرابات التي تعرفها منطقة غرب أفريقيا.
ويعتقد المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، إيريك إيزيبا أن "الجيش في غينيا بيساو لن يلتزم بالمرحلة الانتقالية ولن يسلم السلطة إلى المدنيين لأن التجارب في مالي والنيجر وبوركينا فاسو أثبتت ذلك فقادة الانقلابات العسكرية يتبنون خطابا سياديا يحاولون من خلاله البقاء في الحكم لأطول فترة ممكنة".
ويضيف إيزيبا في حديث لـ "إرم نيوز" أنه "رغم المخاوف من تفجر الوضع خاصة في ظل استمرار الدعوات إلى التظاهر أتوقع أن يلجأ الجيش إلى القمع وتقييد الحريات للبقاء في السلطة".
وأوضح أن "المعضلة الأساسية اليوم هي أن تأمين العسكريين للسلطة في دول مثل غينيا بيساو ومالي والنيجر يحفز قادة جيوش أخرى على الانقلاب تماما مثلما حدث في بنين مؤخراً ".